مطلع شهر آذار/مارس 1813، عاشت القارة الأوروبية على وقع بداية حرب التحالف السادسة التي اندلعت عقب تشكيل تحالف عسكري ضم كلاً من بريطانيا وروسيا وبروسيا والسويد والنمسا وعدد من الدويلات الألمانية ضد فرنسا، وحلفائها، التي قادها حينها نابليون بونابرت. وبهذه الحرب، تمكنت قوات التحالف من دخول باريس مجبرة بذلك نابليون بونابرت على التنحي من منصبه قبل أن ينفى لاحقا نحو جزيرة إلبا (Elba). كما مثّل التحالف الروسي البروسي إحدى أهم الحلقات التي أدت لسقوط نابليون بونابرت. فبعد أن تواجدت بصف حلفائه، انقلبت بروسيا ضد نابليون بونابرت لتوافق بذلك على إرسال عشرات الآلاف من جنودها للمشاركة بالمعارك ضد الفرنسيين.
نهاية التحالف البروسي الفرنسي
خلال الحملة العسكرية على روسيا، وافقت بروسيا على إرسال حوالي 20 ألف عسكري لدعم نابليون بونابرت. وبتلك الفترة، أجبر البروسيون على القيام بذلك بسبب المعاهدات التي ربطتهم بفرنسا وقبولهم بما جاء ببنود معاهدة تلسيت (Tilsit) عقب الهزائم التي تكبدوها سنة 1807.وعقب تراجع نابليون بونابرت نحو فرنسا وخسارته لمعظم قواته بالأراضي الروسية، ارتفعت ببروسيا الأصوات التي طالبت بالتخلي عن معاهدة تلسيت ودخول الحرب ضد فرنسا. في الأثناء، أبدى الملك البروسي فريدريك فيلهلم الثالث (Frederick William III) رفضا قاطعا لهذا الأمر مفضلا الحفاظ على ولائه لنابليون بونابرت.
ويوم 29 كانون الأول/ديسمبر 1812، طالب النواب البروسيون الملك بتوقيع اتفاقية سلام مع روسيا. وباليوم التالي، وقّع الجنرال البروسي لودفيغ يورك (Ludwig Yorck)، بشكل منفرد، اتفاقية توروجين (Tauroggen) مع الروس مجسدا بذلك انقلاب التحالفات بأوروبا والتحاق بروسيا بصف روسيا وبريطانيا في مواجهة نابليون بونابرت.
ربع مليون جندي روسي وبروسي ضد فرنسا
مع استعداد نابليون بونابرت لإعادة تكوين جيشه بفرنسا وتعويض خسائره على الأراضي الروسية، تدخلت قوات القيصر الروسي ألكسندر الأول بدوقية وارسو (Warsaw) وتقمصت دور الجيش المحرر للبولنديين والألمان. وأمام هذا الوضع، اقتنع الملك البروسي فريدريك فيلهلم الثالث بضرورة تغيير موقفه والتقرب من روسيا بدلا من نابليون بونابرت الذي واجه مصاعب عديدة في إعادة تكوين جيشه. ويوم 25 شباط/فبراير 1813، التقى فريدريك فيلهلم الثالث بالبارون فوم شتاين (Baron vom Stein)، حليف الروس، واتجه لإرسال الجنرال كارل فريدريش فون ديم كنيسبيك (Karl Friedrich von dem Knesebeck) بشكل سري للقاء القيصر الروسي ألكسندر الأول.
خلال هذا اللقاء الذي جدّ بمنطقة كاليسز (Kalisz)، بوسط بولندا، ما بين يومي 27 و28 شباط/فبراير 1813، أبرمت روسيا وبروسيا معاهدة تحالف واتفقتا على عدم ابرام اتفاقيات سلام منفصلة مع فرنسا لحين إنهاء هيمنة نابليون بونابرت على المناطق الألمانية والأوروبية الأخرى. وبهذه المعاهدة، وافقت بروسيا على التخلي لصالح روسيا عن المناطق التي حصلت عليها عقب تقسيم بولندا مقابل حصولها على الأراضي الألمانية الواقعة بالشمال الغربي والتي سيتم تحريرها من قبضة نابليون بونابرت خلال حرب التحالف السادس. يذكر أنه عقب إبرام هذه المعاهدة، وفرت روسيا للتحالف السادس 200 ألف جندي. في المقابل، جمعت بروسيا ما يزيد عن 80 ألف عسكري لمواجهة نابليون بونابرت ودخول الأراضي الفرنسية.