مسلسلات رمضان 2024
بسبب خطف رجل أمن.. كاد العالم أن يشهد حربا عالمية مبكرة
28/04/2024

منذ نهاية الحرب الفرنسية البروسية التي استمرت بين عامي 1870 و1871 وانتهت بهزيمة فرنسا وتحقيق الوحدة الألمانية وضم أراضي الألزاس لورين (Alsace-Lorraine) لألمانيا، شهدت العلاقات الفرنسية الألمانية تدهورا كبيرا، فطيلة السنوات التالية، هيمنت على الفرنسيين مشاعر الكراهية ضد الألمان. ولأسباب مختلفة، طالب الفرنسيون، بأكثر من مناسبة، حكومة بلادهم بإعلان الحرب على ألمانيا أملا في استعادة أراضي الألزاس لورين التي وصفوها بالأراضي المنهوبة.

وخلال العام 1887، كادت الحرب أن تندلع بين الطرفين عقب حادثة اختطاف رجل الأمن الفرنسي غيوم شنيبيلي (Guillaume Schnaebelé) من طرف الألمان.

بسبب خطف رجل أمن.. كاد العالم أن يشهد حربا عالمية مبكرة صورة رقم 1
رسم تخيلي لعملية خطف غيوم شنيبيلي

اعتقال غيوم شنيبيلي

خلال شهر نيسان/أبريل 1887، تلقى المحقق الفرنسي غيوم شنيبيلي دعوة من أحد كبار الأمنيين الألمان لحضور مؤتمر، وعقد مشاورات، بمنطقة آرس سور موسال (Ars-sur-Moselle) الحدودية. وأثناء توجهه لهذه المنطقة، اعتقل غيوم شنيبيلي يوم 21 نيسان/أبريل 1887، قرب الحدود الألمانية الفرنسية، على يد اثنين من رجال الأمن الألمان قبل أن يقتاد نحو وجهة مجهولة.

بسبب خطف رجل أمن.. كاد العالم أن يشهد حربا عالمية مبكرة صورة رقم 2
صورة لغيوم شنيبيليه

وعلى الفور، عمدت وكالة الصحافة الفرنسية هافاس (Havas) لنشر خبر اعتقال المحقق شنيبيلي. وبالتزامن مع ذلك، أثارت عملية الاعتقال غضب المسؤولين الفرنسيين الذين أكدوا على تمتع غيوم شنيبيلي بالحصانة بسبب تلقيه لدعوة رسمية لدخول الأراضي الألمانية. من جهة ثانية، استاء الفرنسيون من هذا التصرف الألماني عقب ظهور إشاعات حول انتهاك للسيادة الفرنسية. فبناء على بعض التقارير، أكد عدد من الفرنسيون على وقوع عملية الاعتقال بالجانب الفرنسي من الحدود.

ولتبرير عملية الاعتقال، اتهمت السلطات الألمانية غيوم شنيبيلي بالتجسس حيث أكد عدد من المحققين الألمان على تعامل شنيبيلي مع عدد من العملاء الألزاسيين، المقيمين بالألزاس، ونقله لمعلومات حول مواقع القوات الألمانية للمسؤولين الفرنسيين.

بسبب خطف رجل أمن.. كاد العالم أن يشهد حربا عالمية مبكرة صورة رقم 3
صورة للإمبراطور الألماني فيلهلم الأول

تصاعد التوتر

أثارت هذه الحادثة حالة من التوتر بين ألمانيا وفرنسا. فمن الجانب الألماني، طالبت الصحافة المسؤولين الألمان بعدم تقديم أية تنازلات للفرنسيين للحفاظ على هيبة ومكانة البلاد. وعلى الجانب الفرنسي، قدم وزير الحرب الفرنسي الجنرال جورج إرنست بولونجيه (Georges Ernest Boulanger) مشروع قرار طالب من خلاله بإعلان التعبئة العامة والاستعداد للحرب متهما الألمان بالتعدي على سيادة فرنسا.

وأثناء عملية التصويت على قرار بولينجيه، صوتت الحكومة الفرنسية بستة أصوات مقابل خمسة ضد قرار التعبئة العامة والاستعداد للحرب. وبفضل صوت واحد بالتصويت الحكومي، نجت المنطقة من إمكانية اندلاع حرب بين ألمانيا وفرنسا. من جهة ثانية، كان من الوارد أن تتوسع هذه الحرب، في حال اندلاعها، بسبب التقارب الألماني النمساوي الروسي من جهة والعداوة الألمانية البريطانية التي ظهرت منذ اعلان الوحدة الألمانية.

بسبب خطف رجل أمن.. كاد العالم أن يشهد حربا عالمية مبكرة صورة رقم 4
صورة للجنرال الفرنسي بولونجييه

استمرت الأزمة الفرنسية الألمانية لحدود يوم 28 نيسان/أبريل 1887. فخلال ذلك اليوم، أطلقت ألمانيا سراح غيوم شنيبيلي بأمر من الإمبراطور الألماني فيلهلم الأول (Wilhelm I).

إلى ذلك، أثارت هذه الأزمة عددا من التساؤلات حول دوافعها. وحسب عدد المحللين السياسيين بتلك الفترة، حاول المستشار الألماني أوتو فون بسمارك خلقها لتقييم مدى دعم الفرنسيين للجنرال بولونجيه وزيادة حدة التوتر مع فرنسا أملا في دفع الروس على قبول معاهدة الحياد التي كانت قد عرضت ألمانيا تجديدها قبل أسابيع.