أظهر علماء الفلك باستخدام صور واردة من تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي (JWST) أن ما يسمى بالأزمة الكونية، أي التناقض في معدلات التوسع في الكون المبكر والحديث، موجود بالفعل. وقالت الخدمة الصحفية لمرصد "جيمس ويب" الفضائي: "لقد نظرنا إلى مجموعة كاملة من الأجسام التي درسها "هابل"، ويمكننا الآن أن نقول بدرجة عالية من اليقين أن التناقضات في معدلات توسع الكون لا يمكن أن تكون ناجمة عن أخطاء في الأرصاد. ويبقى الاحتمال الأكثر إثارة، وهو ما يلي: فهمنا لبنية الكون خاطئ".
وتوصل آدم ريس الحائز على جائزة نوبل وعلماء فلك آخرون إلى هذا الاستنتاج بعد دراسة أكثر من 1000 نجم متغير تقع في 6 مجرات قريبة نسبيا منا، وهي شهدت مؤخرا انفجارات المستعر من النوع الأول. ويستخدم علماء الفلك هذه النجوم والحوادث الكونية الأخرى لتحديد المسافات الدقيقة بين الأرض والأجسام الفضائية البعيدة.
وكان ريس وغيره من علماء الفلك قد رصدوا بالفعل هذه الأجسام باستخدام مرصد "هابل" لحساب معدل توسع الكون، مما أدى إلى بدء "الأزمة الكونية". وأعاد العلماء فحص نتائج هذه القياسات والحسابات باستخدام مرصد "جيمس ويب" الفضائي الذي يتمتع بدقة وحساسية أعلى بكثير من "هابل".
وقد كررت قياساتها النتائج التي حصل عليها ريس وغيره من علماء الفلك في الماضي، كما زادت دقة القياسات بمقدار 2.5 مرة، وازداد مستوى الثقة الإحصائية حتى خطأ عشوائي واحد لكل أربعة كوادريليون محاولة تقريبا. وكما يوضح علماء الفلك، فإن هذا يستبعد فعليا احتمال أن تكون قياسات "هابل" غير صحيحة وأن تكون "الأزمة الكونية" ناجمة عن مصادفات أو أخطاء عشوائية.
ويأمل ريس وعلماء فلك آخرون أن تأكيد وجود "أزمة كونية" سيجذب المزيد من الاهتمام من علماء الفلك إلى قياسات معدل توسع الكون الحديث والقديم، وكذلك خلال المراحل المتوسطة من تطوره، والتي لا تزال غير مفهومة بشكل جيد. وخلص علماء الفلك إلى أن هذه الأعماق الفضائية ستصبح أكثر سهولة للرصد في السنوات المقبلة بفضل الإطلاق الناجح للمرصد المداري "إقليدس" والإطلاق الوشيك لتلسكوب WFIRST إلى الفضاء في مايو/أيار 2027.
يذكر أن ما تسمى بـ"الأزمة الكونية" نشأت منذ حوالي سبع سنوات، عندما تم نشر قياسات معدل توسع الكون في وقت واحد تقريبا، والتي تم الحصول عليها كجزء من عمليات رصد "صدى" الموجات الميكروية للانفجار الكبير باستخدام تلسكوب "بلانك" والنجوم المتغيرة في مجرة درب التبانة وانفجارات السوبرنوفا في المجرات المجاورة والتي أجراها مرصد "هابل". وتنوعت القيم التي حصلوا عليها إلى حد بعيد.
وأظهر النوع الثاني من الأرصاد أن مجرتين تفصل بينهما مسافة حوالي ثلاثة ملايين سنة ضوئية، يجب أن تتباعدا بسرعة حوالي 73 كلم/ثانية. وهذه القيمة أعلى بنسبة 9% من بيانات رصد لما يسمى بـ "صدى" الانفجار الكبير(67.9 كلم/ثانية). وبعد ذلك، تم تأكيد وجود هذه التناقضات بطرق وأدوات أخرى. وقد أثارت هذه التناقضات الكثير من الجدل حول ما إذا كانت النماذج الكونية الحديثة صحيحة وما إذا كانت خصائص الكون قد تغيرت أثناء وجود الكون.