أوضح العلماء أخيرا سبب اختلاف مظاهر أورانوس ونبتون كثيرا، على الرغم من وجود الكثير من القواسم المشتركة بينهما. ويمتلك الكوكبان البعيدان في النظام الشمسي كتلا وأحجاما وتركيبات جوية متشابهة، ومع ذلك، يبدو كوكب نبتون أكثر زرقة من جاره.
وتبلغ كتلة أورانوس نحو 15 ضعف كتلة الأرض، بينما تبلغ كتلة نبتون 17 ضعفا، مع تركيبات الغلاف الجوي المتطابقة تقريبا من الهيدروجين (أكثر من 80% لكل منهما) والهيليوم والميثان. وتقترح الدراسة الجديدة، بقيادة البروفيسور باتريك إروين في جامعة أكسفورد، وجود طبقة من الضباب على كلا الكوكبين، هي ما يشرح الألوان المختلفة لأورانوس ونبتون.
وتقترح الدراسة أن كليهما سيظهر باللون الأزرق بشكل متساو تقريبا إذا لم يكن هناك ضباب في الغلاف الجوي. وباستخدام الملاحظات من تلسكوب هابل الفضائي ومرفق تلسكوب ناسا للأشعة تحت الحمراء وتلسكوب جيميني نورث، طور فريق دولي من العلماء نموذجا لوصف طبقات الهباء الجوي في الغلاف الجوي لكلا الكوكبين.
وقال البروفيسور إروين، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية: "هذا هو النموذج الأول الذي يلائم بشكل متزامن ملاحظات أشعة الشمس المنعكسة من الأشعة فوق البنفسجية إلى الأشعة تحت الحمراء القريبة". وأضاف: "إنه أيضا أول من شرح الفرق في اللون المرئي بين أورانوس ونبتون". ويشتمل النموذج على ثلاث طبقات من الضباب على ارتفاعات مختلفة في الغلاف الجوي للكوكبين.
ويقول العلماء إن الطبقة الوسطى من جزيئات الضباب أكثر سمكا على أورانوس منها على نبتون، ما يؤثر على اللون المرئي للكوكبين. وأظهرت الدراسة أن جزءا لا يتجزأ من طبقات الغلاف الجوي الداخلية، يتكون من ضباب أكثر مما يعتقد سابقا، بدلا من مجرد سحب جليدية من الميثان وكبريتيد الهيدروجين. وقال العلماء إن هذه هي المرة الأولى التي تأخذ فيها دراسة في الاعتبار الأطوال الموجية من الأشعة فوق البنفسجية إلى الأشعة تحت الحمراء القريبة، بدلا من التركيز على حفنة من موجات الضوء.
وفي السابق، اقترح العلماء أن ميثان نبتون هو الذي يجعل هذا الكوكب أزرق للغاية، حيث يمتص الغاز الكثير من الضوء الأحمر ويعكس الألوان الزرقاء. لكن العلماء كانوا في حيرة من أمرهم لتفسير ما كان يحدث في أورانوس، نظرا لاحتوائه على كمية أكبر من الميثان (2.3% من كتلة الغلاف الجوي، مقارنة بـ 1.9% في نبتون).
ويشير هذا التناقض إلى أن شيئا آخر يجب أن يكون مسؤولا عن اختلاف اللون. لكن الاختلافات الرئيسية الأخرى بين الكوكبين كشفت عن القليل من القرائن على اللغز. وفي الواقع، لم يُدرس كلا الكوكبين بشكل جيد، وكل منهما تمت زيارته من قبل مركبة فضائية واحدة فقط، وهي "فوياجير 2" التابعة لناسا في الثمانينيات. ومنذ ذلك الحين، اعتمد العلماء على عمليات تسجيل الوصول التلسكوبية لرصد هذه الأجرام السماوية الزرقاء.
وتوضح الدراسة الجديدة أنه في كلا الكوكبين، يتكثف جليد الميثان على الجزيئات الموجودة في الطبقة الوسطى، مشكلا وابلا من جليد الميثان الذي يسحب جزيئات الضباب إلى عمق أكبر في الغلاف الجوي. ويتمتع نبتون بغلاف جوي أكثر نشاطا واضطرابا من أورانوس، ما يشير إلى أن غلافه الجوي أكثر كفاءة في تحويل الغاز إلى طبقة الضباب حيث يمكن أن يتكثف على جزيئات الضباب وينتج هذا الجليد. وهذا يزيل المزيد من الضباب ويحافظ على طبقة ضباب نبتون أرق.
ولذلك، يبدو نبتون أكثر زرقة، بينما يتراكم الضباب الزائد على أورانوس في الغلاف الجوي الراكد والبطئ للكوكب، ما يمنحه لونا أخف. وأظهرت الدراسة أيضا وجود طبقة ثانية أعمق في النموذج. وعندما يتم تعتيمها، يمكن أن يكون هذا هو السبب في ظهور البقع الداكنة من حين لآخر على نبتون وبشكل متقطع أكثر على أورانوس، مثل البقعة المظلمة العظيمة الشهيرة GDS-89 على نبتون، التي رصدتها مركبة "فوياجير 2" في عام 1989.