وديع الصافي، صوت الجبل وصاحب الحنجرة الذهبية، يعد من عمالقة الطرب في العالم العربي، تميز بجمال صوته وقوته، وأسهم بشكل كبير في نشر الأغنية اللبنانية، ليصبح مدرسة فنية فريدة في الغناء والتلحين، ورغم رحيله عام 2013 عن عمر 92 عامًا، لا تزال أعماله وإرثه الفني حاضرة في قلوب عشاق الفن العربي. في إطار ذلك يرصد موقع الموجز أبرز محطات الفنان وديع الصافي في التقرير التالي.
وديع الصافي - مواويل رائعة
النشأة والمعاناة في الطفولة
ولد وديع فرنسيس، المعروف فنيًا بوديع الصافي، في قرية نيحا الشوف بلبنان يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1921. نشأ في عائلة بسيطة عانت من الفقر، وبدأت موهبته في الغناء بالظهور منذ سن الثالثة، نظراً لطبيعة عمل والده كخيال في الأمن الداخلي، تنقلت الأسرة كثيراً بين مناطق لبنان، حتى انتقلوا إلى بيروت عام 1930، حيث درس وديع في مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، ومع صعوبة الحياة، اضطر للتخلي عن دراسته لمساعدة والده في إعالة الأسرة.
بداية الشهرة وانطلاقة "الصافي"
في عام 1938، شارك وديع في مسابقة غنائية نظمتها إذاعة لبنان الرسمية، حيث حقق الفوز الأول وتميز بصوت نقي دفع لجنة التحكيم لاختيار اسم "وديع الصافي" كاسم فني بدلاً من وديع فرنسيس. بعد ذلك، انطلقت مسيرته الفنية مع أغنية "يا مرسال النغم"، ليبدأ رحلة فنية حافلة بالنجاحات.
صعود الصافي وألقاب فنية متعددة
سطع نجم وديع الصافي في الأربعينيات بأغنيته الشهيرة "طل الصباح وتكتك العصفور" وبفضل قوته الصوتية المتميزة، حصل على عدة ألقاب منها "صوت الجبل"، "مطرب الأرز"، و"قديس الطرب"، كما أصبحت مدرسته في الغناء تُعرف باسم "المدرسة الصافية".
رسالة حب للوطن
كان وديع الصافي من أكثر الفنانين الذين تغنوا بلبنان وقضاياه، حيث عبر عن حبه لوطنه من خلال أغنيات عديدة باللهجة اللبنانية، مثل أغنية "معليش يا لبنان" و"يا مخلد التاريخ يا لبنان"، وفي "جايين يا أرز الجبل" عبّر عن شوقه للبنان وجمال مناطقه كجبل نيحا وصنين، لتبقى هذه الأغنيات رموزًا خالدة لحب لبنان.
رح حلفك بالغصن يا عصفور - وديع الصافي
الأغاني المصرية وبصمته العربية
لم يقتصر الصافي على الغناء اللبناني، بل غنى أيضًا باللهجة المصرية، حيث قدم أغنيات شهيرة منها "على رمش عيونها" و"دار يا دار" و"عندك بحرية يا ريس". وقد أبدع في تلحين بعضها، وكان ذلك بفضل تعاون موسيقي كبير مع الملحن المصري محمد عبد الوهاب.
المشاركة السينمائية والأعمال الفنية
اتجه وديع الصافي للسينما، حيث شارك في عدد من الأفلام والمسرحيات، منها فيلم "زهرة السوق" عام 1947، و"غزل البنات" عام 1949، ومسرحية "موسم العز" عام 1960. كما ظهر في أفلام مثل "ليالي الشرق"، و"نار الشوق" عام 1970 مع الفنانة صباح، بالإضافة إلى أدوار تلفزيونية في مسلسل "كانت أيام" و"كيف تخسر مليون جنيه".
وديع الصافي يغني "أنا عطشان" في مسلسل مع عادل إمام
"عظيمة يا مصر" والنوعية المصرية
كانت أغنية "عظيمة يا مصر يا أرض النعم" من أشهر الأغاني الوطنية التي قدمها وديع الصافي، وقد حصل بسببها على النوعية المصرية من الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1995، ليحمل ثلاث ت: اللبنانية، المصرية، والبرازيلية، بالإضافة إلى الفرنسية. وقد نال أكثر من 300 وسام تكريم من ملوك ورؤساء حول العالم.
الرحيل والإفلاس المفاجئ
ورغم النجاح الكبير الذي حققه وديع الصافي، فقد أعلن إفلاسه قبل رحيله بعام واحد، وعزا ذلك إلى عقد الاحتكار الذي وقع عليه مع شركة "روتانا"، ما أدى إلى خسارة ثروته الكبيرة، وترك الصافي وراءه إرثًا فنيًا ثريًا يعبر عن روح الأصالة والطرب الأصيل، ليظل اسمه خالداً في تاريخ الموسيقى العربية.