تعتبر الفنانة الكبيرة صاحبة الصوت الملائكي فيروز جزء لا يتجزأ من الفن العربي. فهي تمثل للبنانيين والعرب سواء في بلادهم أو خارجها قيمة كبيرة لا يستطيع أن ينكرها أحد. كثيرون منا عاشوا على ايقاعات أغانيها طوال السنوات الطويلة المادية وتذوقوا العمق الروحي في ترانيمها وصوتها.. وصارت أغانيها هي العزاء لكل المقيمين في لبنان والمغتربين ايضا. وقد لفت نظرنا في موقع "مسلسلات" مقابلة مع السيدة فيروز اجرتها قبل سنوات صحيفة امريكية، ولأن مقابلات فيروز نادرة قررنا أن نترجم لكم المقابلة ونشارككم بها راجين أن تعجبكم..

صوت فيروز كالوطن للمغترب

تؤكد فيروز في مقابلتها أن لبنان التي عاشت فيها هي غير لبنان التي توجد الآن، وأن اللبنانيين عندما يحنون الى بلادهم يبحثون عنها من خلال الاغاني القديمة حتى ولكأن تلك الاغاني تبدو بلادهم البديلة. وتؤكد فيرجينيا دانيلسون أستاذة الموسيقى في جامعة هارفارد وخبيرة الموسيقى في الشرق الأوسط أن فيروز قدمت مزيجاً رائعا بين الاغاني الشعبية والموسيقى الغربية التي صنعت أغاني شديدة الجاذبية مما منح أغانيها ميزة كبرى حيث أصبحت منتشرة ومرحب بها في المناطق المحلية والعالمية أيضا.

وأضافت دانيلسون أن فيروز تتمتع بصوت لا مثيل فهي تخلصت تماما من النغمات الانفية التي يحرص عليها المطربون العرب كما أن صوتها شديد النقاء والوضوح وتعد واحدة من أعظم المطربات العرب في القرن العشرين وتبدو كما لو أن لها عالمها الخاص بها ومنطقتها التي لا يشاركها فيها أحد في عالم الغناء.

ترفض فيروز اي نقد موجه لصوتها وتبدو كما لو كانت تريد البعد تماما عن الاضواء حتى أنها رفضت التقاط صور لها عندما كانت في بهو أحد الفنادق حيث كان يتم تنظيم حفل استقبال لها، ويؤكد النقاد أن صوت فيروز لم يعد كما كان عليه منذ ثلاثين عاماً وبالرغم من أنه ما زال جميلا إلا أنها أصبحت تفتقد القدرة على غناء النبرات العالية.

يشير النقاد الى أن سر شعبية فيروز يعود الى أنها تخلصت من أسر الأغاني العربية التي تفيض باللوعة والرثاء للذات لتقدم مجموعة من الاغاني الجديدة ذات الافكار الانسانية المبتكرة مثل قصائد عيد الميلاد وأغانيها عن القدس، ولقد تغير اسلوب فيروز في الغناء قليلا عن بدايتها والفضل في ذلك لموسيقى ولدها زياد الرحباني الذي أصبح يؤلف لها موسيقى خاصة به تجمع بين الجاز الغربي والآلات الشرقية، من المعروف أن لفيروز أربع أطفال وقد ماتت إحدى بناتها.

لا تتراقص فيروز على المسرح وتقوم بتقديم أغانيها بمنتهى الجدية وترتدي عباءات طويلة يمكن أن تجر على الارض ونادرا ما تبتسم ولكنها أحيانا ترفع يديها أو ذراعيها قليلاً، وترى كريستيان ستيوبين محامية من نيو جيرسي شاهدت فيروز وهي تغني لجمع التبرعات أن فيروز أحيانا تبدو وكأنها في عالم خاص بمعزل عن الموسيقى تحملنا اليه بكل براعة.

تؤكد فيروز أن غنائها بهذه الجدية بسبب أنها خجولة بطبعها كما أنها تريد أن تركز في الغناء بدلاً من أن تحرك جسدها، وتؤكد أنه لو نظر الناس لوجهها بتمعن لاكتشفوا أنها ليست معهم لأنها ترى أن الفن مثل الصلاة، وتتساءل هل يمكن للمرؤ أن يرقص وهو في الكنيسة، انها ترغب في أن تحملها الموسيقى بعيدا عن الارض وتطمع في أن تحمل اغانيها جمهورها معها بعيداً عن الارض، وفعلا حين نستمع اليها نشعر أننا نحلق في فضاء ساحر فقد نقلتنا اغانيها بعيدا عن الارض.