نشأت في بيت يهوى الفن والموسيقى الكلاسيكية الشرقية، وانواع مختلفة من الموسيقى، وغنت وهي في سن صغيرة، وأبدعت في جيل ثلاث سنوات. تشجيع والدتها لها واصرارها على تعلمها العزف على آلة البيانو جعلها تجد نفسها في مكان مختلف عن سائر الفتيات في مثل سنها.

ايناس مصالحة

"والدتي دفعتني بعد ذلك الى تعلم تطوير الصوت في فترة قلّما تجد فيه من يفقه هذا المجال أو يطرق ابوابه، واتخذت هذا الاتجاه سبيلا مهنيا احترافيا شققت من خلاله طريقا واسعا لم يكن معبدا، بل كان شاقا جدا لعله يكون شعلة ومنارة لسواي ممن يحبون موسيقى الاوبرا". هذا ما قالته الفنانة المميزة ايناس احمد مصالحها (33 عاما) ابنة قرية دبورية التي سطع نورها وتلألأ نجمها في العالم قاطبة قبل أن يصل الى مجتمعها الصغير الذي لو كانت قد طرقته من باب الأغنية الحديثة او الطربية لنالت الشهرة التي تنالها اليوم خلف البحار والمحيطات، في ألمانيا وايطاليا وأمريكا وغيرها.

دعم الأهل ذلل العقبات
لم تكن ايناس تعلم منذ البداية بأن اتجاهها سيكون نحو تعلم فن الاوبرا، لكنها كانت مدعومة من الأهل حتى النهاية في أي قرار تتخذه او أي خيار تستميلها رياحه، فقد كانوا الى جانبها على طول الطريق يدفعون عربة تقدّمها بكل ما اوتوا من قوة وجهد. وكيف لا وهي فنانة العائلة التي كانت تقف أمامهم وتغني لهم "عصفور طل من الشباك" ولم تتجاوز الثالثة من عمرها، ثم ابدعت في الفيروزيات واغاني اميمة الخليل "تكبّر" ومارسيل خليفة بشكل انفرادي، ويدون مرافقة اية آلة عزف.

اكتشاف جوهرة الاوبرا
بعد ان غنت في قريتها دبورية وبدأت تتسع حلقة فنها لتصل الى الناصرة، رأت من الضروري العمل على تطوير صوتها بشكل مهني وعلمي بتقنية غربية في معهد الموسيقى "مرج ابن عامر" قضاء العفولة، وهناك اكتشفت ايناس عالم الاوبرا، وبعد اشهر قليلة رأى القائمون على المعهد ضرورة إجراء امتحانات لها للالتحاق بالأكاديمية الموسيقية، ولم تكن في حينه تفكر في احتراف غناء الاوبرا بل رأت فيه فرصة سانحة لتطوير صوتها وادائها، وبعد ان اجتازت كل الامتحانات بدأت ايناس رحلتها الطويلة والمضنية في بعض الأحيان، وشرعت في سبر أغوار عالم الاوبرا الواسع واللا محدود، والذي تبحر فيه منذ ما يزيد عن اثنتي عشرة سنة ولا تزال تنهل من كنوزه وتغرف من ينابيعه ما يطيب لها.

محمود درويش يشحن عزيمتها
تستمع ايناس مصالحة يوميا الى قراءات للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وتقول ايناس أن للانسان ست حواس معروفة، بينما تتمتع هي بحاسة سابعة أضافها لها شعر محمود درويش. وتضيف "بإلقائه وبكلماته وجدت موسيقى غير ملحنة، ولكنني اسمعها كموسيقى اصغي من خلالها الي عمق الكلمة، ونحن كفلسطينيين وعرب في هذه البلاد فرادى وجماعات، رجال ونساء، نعيش يوميا شعر محمود درويش، وكـأنه كان يكتب لنا تاريخنا للماضي والحاضر والمستقبل. وقضلا عن أسلوبه في الالقاء فإن شعره يترك بي أثرا يجعلني لا أصدق ان هكذا انسان يمكن ان يموت، او هكذا موهبة يمكن ان تندثر.

تسع لغات
في الاوبرا ليست كل تغنى هي لغة تحكى!! فأنا شخصيا أجيد التحدث بالعربية والعبرية والانجليزية والالمانية والايطالية، لكن هنالك طريقة لتعلم لحن اللغة وان كنت لا تجيد التحدث باللغة ذاتها. لذلك فإن هنالك موضوع يتم تدريسه في الجامعة يتعلق بلفظ اللغات بشكل صحيح وان كنا لا نتعلمها بل التغني بها.
وفي العرض الذي اقدمه في هذه الأيام تكون الافتتاحية باللغة الآرامية، ثم الانجليزية والألمانية والتشيكية والايطالية والعربية وغيرها.

تصف ايمان جهودها اليومية
وعملها الدؤوب والمستمر بالعنف

اوبرا عربية
في العالم العربي هناك عدد من مغني الاوبرا الذين يحاولون دفع هذه العجلة الى الأمام، وكل مغني اوبرا عربي التقيه، أشعر وكأنه يناضل ويحارب من اجل ادخال هذا الفن الى مجتمعه، وهناك بعض مغني الاوبرا البارزين اليوم من العالم العربي اهمهم اللبنانية هبة قوّاس التي أخذت بعض النصوص العربية ولحنتها بأسلوب اوبرالي، وهنالك مغني من اصل فلسطيني اسمه فرانشيسكو شاهين، والملقب بـ "كازانوفا" وهو الاسم المسرحي له، وشاهين كان احيانا يستبدل "بافاريتو" عندما يكون عاجزا عن الغناء لاسباب صحية او غيرها. وهو بالأصل من بيت جالا، وهنالك مروان شامية الموجود في واحد من بيوت الاوبرا المهمة في المانيا "ايرفورت" وهو ناجح وفعال، وانا بطبيعة الحال في اتصال وتواصل معهم من اجل تعزيز هويتنا العربية والموسيقية في العالم، ومن اجل تثقيف مجتمعنا بهذا النوع من الموسيقى.

أقامت في المانيا 5 سنوات
عادت ايناس الى البلاد بعد 5 سنوات قضتها في المانيا، وهي اليوم بصدد مشاريع عديدة ومتنوعة، رأت انه من غير المناسب الآن الإسهاب في الحديث عن هذه المشاريع باعتبارها لم تخرج الى حيز التنفيذ بعد، ولكنها قالت ان واحدا من هذه المشاريع هو اوبرالي سيكون متاحا السنة القادمة للراغبين في تعلمه في عدد من البلدان العربية، وهنالك مشروع مخصص للاطفال يجري العمل عليه.

لا تكل ولا تمل
تصف ايمان جهودها اليومية وعملها الدؤوب والمستمر بالعنف! وتقول في السنة الأخيرة أعمل بشكل عنيف على انتاج وتسويق وابتكار عروضها، وبعيدا عن انشغالها في العروض والجانب المهني، فهناك ايناس الانسانة التي تحب اهلها وعائلتها والأصدقاء - وهم كثر - في الداخل والخارج وتشعر ان حياتها بدون صداقات وبدون دوائر اجتماعية لا تساوي شيئا.
ايناس تعشق الأطفال وتعتقد انهم الفئة الأكثر ذكاء التي يمكن التعامل معها على تعزيز الهوايات والمواهب الكامنة بداخلهم، لو افسحنا لهم المجال في التعبير باحترام وبتقدير.

لم تكن ايناس تعلم بأن
اتجاهها سيكون نحو تعلم فن الاوبرا

تحب الأكل وخاصة الحلويات
من ابرز هوايات ايناس حب الأكل وخاصة الحلويات، وحبها للأكل لا يقل عن حبها للموسيقى وتقول "إذا أردت إرضائي فأحضر لي كعكة"!! الى جانب ذلك تعشق ايناس زيارة المتاحف والمسارح وتستهويها الفنون على أنواعها لدرجة انها تعتبر حياتها لحنا موسيقيا متعدّد النغمات.

غني لي صلاة
قدمت ايناس خلال مسيرتها الفنية مئات العروض والكونسيرتات حول العالم، أخرها كان في نيويورك بالولايات المتحدة، أما في البلاد فعروضها لا تنقطع وآخرها العرض الجاري في هذه الأيام "غني لي صلاة" مع الإعلامية ايمان بسيوني، وقبله كانت سلسلة عروض في تل ابيب، وما عرض الناصرة الأخير سوى بداية لسلسلة طويلة من العروض.
وعن هذا التعاون مع ايمان بسيوني تقول ايناس، "اجتمعنا على كلمات محمود درويش، وعلى اهمية الكلمة، وتحدثنا عن كيفية التواصل مع المجتمع العربي بشكل يستطيع فيه المتلقي العربي ان يفهم لغة الاوبرا، وانا اؤمن بأنه عندما تكون هنالك موسيقى جديدة وغريبة يجب ان تفسر وتبسط لكي يستطيع المتلقي تقبلها وفهمها، فضلا عن ان لايمان حب خاص لمحمود درويش وللشعر والنصوص ذات المعاني الغنية، وقد جرى الحديث بيننا عن كونسيرت "غني لي صلاة" وانا احب ايمان جدا واؤمن بموهبتها في الالقاء التي تضاف الى حضورها على المسرح.