سبق وأن أثيرت ضجة حول تجسيد الأنبياء والصحابة في المسلسلات والأعمال الدرامية، وها هو هذا الجدل يعود من جديد وبصورة صاخبة، فعلى الرغم من رفض مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف عرض المسلسل السوري الذي يتناول شخصيتي الحسن والحسين ابني الإمام علي بن أبي طالب –كرم الله وجهه ورضي الله عنهم-، إلا أنه تحدد له أن يذاع في شهر رمضان المقبل، مما أثار موجة غضب عارمة بين الأوساط الدينية في مصر.
تباينت مواقف الفنانين وصناع
السينما المصريين من موقف الأزهر
وأكد مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف -حسبما جاء في تقرير بثه برنامج "الحياة اليوم" على تلفزيون الحياة- أنه يرفض تجسيد الأنبياء والرسل وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة والملائكة في الأعمال الدرامية، وهذه ليست المرة الأولى التي يرفض فيها الأزهر الشريف مثل هذه الأعمال، فقد رفض قبل ذلك أعمال سابقة منها مسلسل "يوسف الصديق" والذي جسد فيه شخصية نبي الله يوسف وأبيه يعقوب -عليهما السلام-، وكذلك فيلم "الرسالة" الذي جسد الكثيرون من صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وكذلك فيلم "آلام المسيح" والذي تناول حياة نبي الله عيسى المسيح –عليه السلام-، وعلى النقيض من ذلك فقد أجاز علماء دين آخرون في دول عربية أخرى تجسيد الأنبياء والرسل وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة.
وقد تباينت مواقف الفنانين وصناع السينما المصريين من موقف الأزهر الرافض لهذا التوجه، بين مؤيد ومعارض خاصة بعد النجاح والإقبال الكبيرين اللذين سجلهما مسلسل "يوسف الصديق". وبرر مؤيدو الأزهر موقفهم لكون معظم الفنانين يقومون بأداء دور نبي أو صحابي جليل ثم يتبعونه بعمل آخر فيه مشاهد غير لائقة مما يؤدي إلى انعدام الثقة بين الفنان والمتلقي.
واعتبر الفنان وجدي العربي في هذا الصدد أن لا أحد من الفنانين مهما كانت تقواه وشكله ومضمونه يستطيع أن يظهر في صورة تشابه صورة النبي. واشترط في حالات الضرورة الدرامية أن يتم ذلك وفق ضوابط محددة ومقيدة يوافق عليها الازهر الشريف. وذكر بان الأزهر سبق وأن قام بوقف عرض مسرحية " ثأر الله" لانها قامت بتجسيد السيدة زينب وهو الدور الذي انيط بالفنانة أمينة رزق ، مبرزا انه مع ذلك يمكن تجسيد السواد الأعظم من الصحابة.
عفاف: تجسيد الانبياء خطأ كبير
وبالنسبة للفنانة عفاف شعيب فإن "تجسيد الانبياء خطأ كبير لأن الانبياء شخصيات منزهة كما انه من الممكن في المستقبل ان يظهر من يتجرأ ويحاول ان يجسد شخصية رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم". إلا أنها مع ذلك لم تستطع أن تخفي إعجابها بمسلسل "يوسف الصديق" ، مؤكدة انه " لا يمكن أن نبخس هذا العمل حقه فاختيار الممثلين ومواقع التصوير والملابس تجعل المشاهد يشعر انه في قلب الحدث". وقالت الفنانة عفاف شعيب إن النجاح الكبير وردود الفعل المشجعة التي قوبل بها هذا العمل جعلها تدرك مدى التدهور الذي وصلت اليه الاعمال التاريخية والدينية التي تقدمها الدراما المصرية.
هذا وقد رأى مفكرون ونقاد أن تجسيد الانبياء والصحابة ليس فيه حرج يذكر خاصة وان مثل هذه الاعمال تمكن المشاهد من التوغل بشكل أعمق في حياة الانبياء والتعلم والاستفادة من سلوكياتهم وأخلاقهم. واشاروا إلى أن الدراما تعد المؤثر الاول على حياة الناس نظرا لعزوف الصغار والكبار عن القراءة في الوقت الراهن.
وأبرز عدد من النقاد أن إثارة الموضوع وبالتحديد حول مسلسل "يوسف الصديق" لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان خاصة وأنه من إنتاج الدراما الايرانية مع ما يشكله ذلك من تخوف غير مبرر من سيطرة واحتكار الدراما الفارسية على المشهد الدرامي العربي.
