بعد بثها ما قبل التجريبي - لمدة شهرين لمواكبة الثورات العربية والذي أُطلق في 15 أيار ذكرى النكبة الفلسطينية- اندمجت قناة الإتحاد لصاحبها ومديرها العام الاعلامي اللبناني نايف كريّم في عقد شراكة مع الاعلامي التونسي غسان بن جدو، لاطلاق شبكة إعلامية جديدة تحت عنوان (الميادين)، وذلك في المؤتمر الصحافي الذي عُقد في نقابة الصحافة اللبنانية في بيروت.
المؤتمر الصحافي
بعد تقديم استقالته من قناة الجزيرة تقدّم الاعلامي غسان بن جدو مدير مكتب الجزيرة في بيروت بعرض شراكة مع قناة الإتحاد التي يرأسها الاعلامي نايف كريّم الذي شغل مؤخراً منصب مدير البرامج السياسية في تلفزيون دبي، على ان يطلقان معاً شبكة الميادين الفضائية التي تضمّ: قناة فضائية تحمل الاسم ذاته (الميادين) بالاضافة إلى شركة الاتحاد للانتاج، وإذاعة وموقع إلكتروني وشركة إعلان ووسائط إعلامية أخرى.
وتستقطب المؤسسة الاعلامية الجديدة إعلاميين ذوي خبرة ومصداقية عالية في العالم العربي، فإضافة إلى مدير مجلس إدارة الشبكة غسان بن جدو، والمدير العام للشبكة نايف كريّم انضم الاعلامي سامي كليب ليشغل منصب مدير الاخبار وكذلك الاعلامي زاهي وهبي والاعلامية لينا زهرالدين وأسماء أخرى لم يُعلن عنها بعد حيث لا زالت المفاوضات قائمة. ترخيص الشبكة بريطاني وموقعها الرئيسي سيكون في بيروت اما مكاتبها فستتوزع بحيث ينشأ مكتبان رئيسيان في القاهرة وتونس ومكاتب فرعية في كل من تركيا وواشنطن وإيران ولندن وبكين. ولقد ذكر بن جدو خلال المؤتمر الصحافي الذي نقل مباشرة على الهواء التجريبي لقناة الإتحاد أن تمويل شبكة الميادين الفضائية لا يعتمد على أنظمة دول، فبدا وكأنه يقول لا أحد (يمون) على سياسة الشبكة، وانها لن تكون طرفاً أو بوقاً للانظمة على امتداد الوطن العربي. وان الممولين أفراد يؤمنون بسياسة المحطة. كما أعلن بن جدو ان مجال الانتساب للمحطة قد فُتح في الاختصاصات التحريرية والهندسية والتقنية كافة وذلك لشهري آب وأيلول عل أن تجرى المقابلات والاختبارات وتحسم الخيارات في شهر تشرين المقبل.
وفي موجز وزّع على الحضور ذُكر أن اسم القناة الميادين "تم ّ اجتراحه من وحي اللحظة العربية الراهنة" تلك اللحظة التي انتقل بها الشعب الى ميادين التحرير ربما، ويضيف الموجز "انطلاقاً من تلمّس نبض الناس في حياتهم اليومية وتحدياتهم المتراكمة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية وغيرها ومن تطلعاتهم نحو الأفضل في الميادين السياسية والثقافية وغيرها، وتفاعلا مع مشهد الثورات والإنتفاضات والإحتجاجات العربية في الميادين، ورصدا لحال المقاومة الشعبية للاحتلال بالوسائل كافة في الميادين، ولبعض ممانعة سياسية للهيمنة وفرض للشروط في ميادين متعددة، وانطلاقا بشكل أساسي ورئيسي من الهوية الصحافية المهنية لفضائيتنا القائمة على النزول الى الميدان والعمل في الميادين المتنوعة كافة، فإننا نعلن اليوم رسميا تأسيس (شبكة الميادين الفضائية) ونواتها قناة (الميادين) الفضائية". و كالعادة كان لنقيب الصحافة محمد بعلبكي كلمة مختصرة.
السياسات العامة للشبكة
ولقد وزّعت السياسات العامة للشبكة وتضمنت بنوداً عدّة أبرزها: التركيز على المهنية والتوازن والحوار، التمسك بوحدة الوطن العربي والتضامن مع العالم الاسلامي، احتضان نبض الناس وهمومهم وتبنّي ملفات الحرية والاصلاح والعدالة الاجتماعية، ورفض الارهاب والتطرف والعنصرية والتحريض الطائفي، واحترام حق الاختلاف مع التشجيع على الحوار، رفض الهيمنة الخارجية، وتأييد حق المقاومة ضد المحتل خاصة الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والاراضي العربية، ولذا فالشبكة تولي القضية الفلسطينية حضوراً مركزياً لديها وتتعاطى مع الفلسطينيين كشعب واحد في الداخل والشتات وأراضي 48 كما تولي ملف الأسرى في السجون الاسرائيلية اهتماماً مستمراً. ولن تسمح الشاشة لي وجود اسرائيلي على شاشتها. وعن الاهتمام بقضايا عرب 48 قال المدير العام للشبكة نايف كريّم لموقع مسلسلات ان برامج وثائقية عديدة ستركز على أراضي 48 وتحديداً على العدوان الذي تتعرّض له والعنصرية التي تُمارس على العرب هناك.
قناة الواقع تتحوّل واقعاً
يبدو شعار شبكة الميادين الفضائية مغرياً ...(قناة الواقع)، اختصار مفيد وذكي. ففي العقد الأخير انتشرت فكرة تلفزيون الواقع في الإعلام العربي وقنواته متمثلاً في معظمه في البرامج الترفيهية وبرامج الهواة، وحيث للواقعية (الأثر الطيب) في جيوب المحطات وشركات الهواتف من حيث الاعتماد على التصويت والاتصالات من ناحية، وحياة المشتركين في البرامج من ناحية اخرى وبالتالي ازدهار أعمال وأموال المحطات. في حين ندرت الواقعية في البرامج الواجب فيها المصداقية والواقعية وكثرت مصالح الدول والاشخاص والاصطفافات. حتى أصبح على المواطن العربي متابعة أكثر من محطة تلفزيونية ووسيلة إعلامية ليقارن الاخبار ويضع نفسه ميزاناً لخلق خبره الخاص وفقاً لخلفيته وثقافته وانتمائه!.
بالطبع هذه المحطات تزخر بمواهب شابة وخبرات اعلامية فذّة في جميع القنوات من دون استثناء... إلا أن للإدارات حسابات أخرى قد لا تمت أحياناً الى الاعلام او المهنية بصلة. في كلمته قال نايف كريّم: "شعار الشبكة إعلام الواقع بعدما انخرط الكثيرون في تشويه الواقع والوقائع في ميادين العرب وساحاتهم وعلاقاتهم".
أعلام الواقع غير المرتبط بستار أكاديمي وواقع كيف يعيش المشتركون المرفّهون تحت ضغط الكاميرات المنتشرة في كل أماكن تواجدهم حتى غرف النوم، وغير مرتبط بواقع ماذا أحبّ فلان بفلانة في البرنامج الفلاني، ولا كيف يتقبّل أحدهم المنافسة وكيف يتناول طعامه ويغضب ويشتم ويتلقى الهدايا ويتمنى. انه مجهر آخر قد يعيد لكلمة الواقع اذا ما رُبطت بالاعلام معنى حقيقي... انه واقع كيف يغضب الشعب وماذا يأكل ومتى يجوع ومتى يثور ويفرح، وما الذي يثقل حياته، انها لقطات لا تحتاج إلى الادهاش الصوري والبهرجة التلفزيونية والاضاءات. انها حالات مدهشة لكثافة الحقيقة فيها. هكذا يجب ان نفهم اعلام الواقع. وليس اعلام الواقع شبه الفاقد لواقعيته، والذي لواقعيته أحياناً وجه مزيّف مفبرك. يحتاج فعلاً العالم العربي لقناة واقع، ضوؤها من وجوه الناس، وعدساتها هي عيونهم بالذات سواء خبا بريقها ام اشتعل، ومذياعها أصواتهم مهما قالوا. وعلى أمل ان تحمل قناة الواقع قناة الميادين الفضائية هذا الهم كما وعدت وأن توفّق في المهمة الصعبة والحساسة لتحتل مكانها في الفضاء ومكانتها في البيوت، نبقى بانتظار انطلاقها في مطلع العام القادم علّها تسد ثغرة في الإعلام العربي بات من غير المقبول اتساعها.
