كشف متعاملون في سوق الصرف، أن السوق السوداء للدولار في مصر تشهد طلبًا كبيرًا، ما تسبب في اشتعال المضاربات واستمرار العملة الأميركية في تسجيل مكاسب جديدة مقابل الجنيه المصري. وفيما يواصل الجنيه المصري تراجعه في السوق الموازية، فقد شهد تراجعات جديدة في أسواق المشتقات الدولية، مما قد يزيد الضغط على صناع السياسة النقدية للمضي قدما في تخفيض العملة. وفي التعاملات الأخيرة، انخفض سعر صرف الجنيه إلى مستويات قياسية مقابل الدولار في السوق الموازية، وذكرت وسائل إعلام محلية أن الدولار وصل لأكثر من 50 جنيها أمس، أي بفارق يزيد عن 60% مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ 30.9 جنيه للدولار.
وقال أحد المتعاملين، طلب عدم ذكر اسمه، إن السوق الموازية تشهد طلباً كبيراً على الدولار، ما تسبب في وجود مضاربات عنيفة، في ظل عدم قيام التجار بالبيع والاتجاه إلى الاحتفاظ بالدولار. وفي السياق ذاته، فقد انخفضت العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للجنيه المصري إلى مستويات قياسية منذ بدء الحرب في غزة الشهر الماضي، وانخفض سعر العقد لأجل 3 أشهر بنسبة 14% خلال الفترة إلى 37.7 جنيه، كما انخفض العقد لأجل 12 شهرا بنسبة 11% منذ أواخر سبتمبر إلى 47 جنيه . في الوقت نفسه، يكثف المستثمرون رهاناتهم على أن مصر سوف تسمح لعملتها بالانخفاض بشكل حاد بعد الانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل.
التحوط من الانخفاض
ويعود سوق المشتقات المالية للأصول المصرية، المستخدمة للتحوط من المخاطر والمضاربة، إلى الحياة مرة أخرى، حيث يستعد المتداولون للتخفيض الرابع لقيمة العملة منذ مارس 2022. ويتوقع المحللون في "دويتشه بنك" و"مورغان ستانلي"، التعديل في الربع المقبل، في حين يتوقع محللو "سوسيتيه جنرال" أن يتم ذلك بمجرد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وفق وكالة اخبارية، قال استراتيجي الأسواق الناشئة في بنك "سوسيتيه جنرال"، جيرجيلي أورموسي، إن "السوق في وضع يسمح مرة أخرى بتخفيض قيمة العملة.. وكلما قامت السلطات في وقت لاحق بتعديل تقييم العملة، كان عليها أن تفعل المزيد، والوقت بالتأكيد ضدهم". وفي السوق الآجلة غير القابلة للتسليم، انخفض عقد الجنيه لمدة ثلاثة أشهر بنسبة 14% منذ أوائل أكتوبر إلى مستوى قياسي بلغ 37.7 يوم الأربعاء، مما يشير إلى توقعات بانخفاض حاد في قيمة العملة في أوائل العام المقبل. وانخفضت مدة الـ 12 شهرًا بنسبة 11% منذ أواخر سبتمبر إلى 47 يوم الأربعاء، وهو أيضًا مستوى منخفض جديد.
شهادات الإيداع
وتظهر التوقعات بتخفيض آخر لقيمة العملة أيضًا في الأوراق المالية المدرجة في لندن لأكبر بنك مصري مدرج، حيث يتم تداول إيصالات الإيداع الخاصة بالبنك التجاري الدولي في بورصة لندن بخصم 46% عن أسهمه في القاهرة، وهو أكبر خصم منذ عام 1997. وعلى الرغم من أن 3 تخفيضات لقيمة العملة منذ أوائل العام الماضي أدت بالفعل إلى خفض قيمة الجنيه إلى النصف تقريبًا، فإنه ظل لعدة أشهر محصورًا في الغالب بين 30.8 و30.9 مقابل الدولار، وفي المقابل، انخفض إلى أعلى من مستوى 50 جنيها للدولار في السوق السوداء.
وبالإضافة إلى التوقعات السلبية، تتضاءل الآمال في أن تتلقى مصر بسرعة أي مساعدة مالية في الوقت الحالي، وفي حين أن مصر قد تحصل على دعم إقليمي ودولي في المستقبل، فإن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني "يجلب أيضًا تحديات داخلية وخارجية ملحوظة"، حسبما قال محللون في بنك "باركليز". وسمحت مصر في السابق بعدة جولات من خفض قيمة العملة وتعهدت بالانتقال إلى سعر صرف معوم. وتظل احتياجاتها التمويلية مرتفعة عند 24 مليار دولار في السنة المالية حتى يونيو 2024، ومن المقرر أن يتضاعف عجز الحساب الجاري إلى 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال الخبير الاقتصادي في "مورغان ستانلي"، هاندي كوجوك، إنه "بالنظر إلى مراجعات صندوق النقد الدولي المعلقة واحتياجات التمويل الخارجي الكبيرة، نعتقد أن صناع السياسات سيسمحون على الأرجح بتعديل آخر لسعر صرف العملات في الربع الأول من عام 2024، سيكون مراجعة صندوق النقد الدولي أمرًا أساسيًا لتحقيق الاستقرار الكلي في مصر بعد الانتخابات".