خلال العام 1876، تولى عبد الحميد الثاني الحكم بالدولة العثمانية خلفا لأخيه، غير الشقيق، مراد الخامس الذي أزيح من الحكم أواخر آب/أغسطس من العام نفسه. وبعد مضي أقل من سنة عن استلامه مقاليد الحكم، وجد عبد الحميد الثاني نفسه في حرب ضد الروس الذين تحالفوا مع كل من الصرب والرومانيين والمونتينيغريين. وبهذه الحرب، واجه العثمانيون مصاعب عديدة بسبب تآكل منظومتهم العسكرية وتأخرها والخلافات السياسية التي عاشت على وقعها البلاد خلال العقود الأخيرة التي سبقت اضمحلال الدولة العثمانية واختفاءها من الخارطة.

خسارة العثمانيين للحرب
إلى ذلك، استمرت الحرب الروسية العثمانية لأكثر من عشرة أشهر. وخلالها، انهارت القوات العثمانية في مواجهة قوات التحالف الذي قادته الإمبراطورية الروسية. ومع اقتراب نهاية الحرب، كانت الجيوش الروسية قد دفعت القوات العثمانية للانسحاب والتراجع نحو أبواب القسطنطينية. مع نهاية هذا النزاع، تجاوزت الخسائر البشرية العثمانية 100 ألف قتيل توفي نصفهم بسبب الأمراض والإصابات التي تعرضوا لها. فضلا عن ذلك، وقع حوالي 110 آلاف جندي عثماني بالأسر بقبضة الروس. وفي الأثناء، أثارت عملية سير المعارك قلق القوى الأوروبية حيث تخوفت بريطانيا والنمسا من إمكانية سقوط الدولة العثمانية وهيمنة الإمبراطورية الروسية على المناطق السلافية. وأمام هذا الوضع، ضغط الأوروبيون وهددوا بدخول الحرب ضد الروس لمنع سقوط الدولة العثمانية. ومع تزايد احتمالية توسع الحرب، اتجهت الإمبراطورية الروسية لإنهاء الحرب بناء على شروطها ضمن ما عرف لاحقا بمعاهدة سان ستيفانو (San Stefano).

بنود سان ستيفانو
بقرية سان ستيفانو الواقعة غرب القسطنطينية، وقع العثمانيون والروس يوم 3 آذار/مارس 1878 معاهدة السلام التي حملت اسم هذه القرية. ومن الجانب الروسي، تكفل الدبلوماسيان نيقولاي بافلوفيتش إنياتييف (Nikolay Pavlovich Ignatyev) وألكسندر نيليدوف (Aleksandr Nelidov) بمهمة التوقيع على المعاهدة. وبالجانب العثماني، حملت المعاهدة توقيع كل من وزير الخارجية صفوت باشا وسفير العثمانيين بألمانيا سعد الله باشا.

حسب ما جاء بمعاهدة سان ستيفانو، كان من المقرر أن يتم إنشاء إمارة بلغاريا، المعترف بها من قبل الباب العالي، الممتدة بين الدانوب والبحر الأسود وبحر إيجه. وحسب ما طالب به الروس، كان من المقرر أن تضم هذه الإمارة جميع الناطقين باللغة البلغارية وأن تكون تابعة إداريا للعثمانيين بينما يتكفل الروس باختيار أميرها.من جهة ثانية، كان المقرر أن يعترف العثمانيون باستقلال إمارات صربيا ورومانيا ومونتينيغرو تزامنا مع حصولها على مزيد من الأراضي العثمانية.

أيضا، اتجه الروس للحصول على الأراضي التي قطنها الجورجيون والأرمن بالقوقاز. وبالتالي، ستضم الإمبراطورية الروسية لممتلكاتها مناطق أردهان وأرتوين وبايزيد وأولتو. وعلى الصعيد الداخلي العثماني، تعهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني بحماية جميع الرعايا المسيحيين الأرثوذكس تزامنا مع حصول الإمبراطورية الروسية على حق التدخل عسكريا لضمان سلامتهم.

جاءت معاهدة سان ستيفانو لتثير غضب كل من البريطانيين والنمساويين الذين تخوفوا من الدور الروسي المتعاظم بالبلقان ولدى الشعوب السلافية. ومع تهديدهم بحرب ضدها، قبلت الإمبراطورية الروسية بالمشاركة بمؤتمر برلين عام 1878 الذي أسفر عن توقيع معاهدة برلين، يوم 13 تموز/يوليو 1878، التي أجهضت معاهدة سان ستيفانو وحدّت من امتيازات روسيا وإمارة بلغاريا.إلى ذلك، جاءت معاهدة سان ستيفانو، ومعاهدة برلين من بعدها، لتمنح البلغاريين استقلالهم. وليومنا الحاضر يصنف يوم الثالث من شهر آذار/مارس من كل سنة كيوم وطني ببلغاريا.