منذ ثلاثينيات القرن الماضي، أبدت الولايات المتحدة الأميركية اهتمامها بالطائرات الملقبة بالجناح الطائر (flying wing) التي مثلت طائرة ثابتة الجناحين وعديمة الذيل. إلى ذلك، يختلف هذا النوع من الطائرات بشكل كبير عن الطائرات العادية التي تميزت بامتلاكها لجناحين وذيل. وانطلاقا من تصاميم هذه الطائرات عديمة الذيل، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية خلال الحرب الباردة لتطوير عدد كبير من قاذفات القنابل الاستراتيجية قبل أن تتمكن في النهاية من إنتاج الطائرة نورثروب بي 2 سبيريت (Northrop B-2 Spirit)، المعروفة أكثر بقاذفة القنابل الشبح بي 2، التي يمتلكها الجيش الأميركي فقط.
صورة للطائرة نورثروب واي بي 49 لحظة إقلاعها
ظهور الطائرات الملقبة بالجناح الطائر
خلال ثلاثينيات القرن الماضي، أبدى المهندس الأميركي جاك نورثروب (Jack Northrop)، مؤسس شركة نورثروب، اهتماما متزايدا بالطائرات الملقبة بالجناح الطائر. وبتلك الفترة، حاول الأخير إيجاد طريقة لصناعة طائرة تكون مختلفة من حيث الشكل والقدرات عن بقية الطائرات. وبحلول العام 1940، عرض جاك نورثروب طائرة نورثروب إن 1 أم (Northrop N-1M) التي مثلت واحدة من أولى الأجنحة الطائرة. وبالعام التالي، جرّب الأخير طائرته بنجاح حيث حلقت نورثروب إن 1 إم بسماء ولاية كاليفورنيا يوم 3 تموز/يوليو 1941.
صورة لجاك نورثروب
وفي أثناء ذلك، أظهر الألمان بدورهم اهتماما بهذا النوع من الطائرات. فخلال الثلاثينيات اتجه الأخوان والتر هورتون (Walter Horten) وريمار هورتون (Reimar Horten) لإجراء أبحاث على الجناح الطائر. وفي خضم الحرب العالمية الثانية، تمكن الأخوان هورتون من تجربة أولى إنجازاتهم بمجال الأجنحة الطائرة حيث تمكنا من التحليق بطائرة هورتون هو 229 (Horten Ho 229) خلال العام 1944. إلى ذلك، اتجه الألمان للتخلي عن مشروع هذه الطائرة بسبب تراجعهم على مختلف الجبهات وافتقارهم للمواد الأولية.
صورة لبقايا طائرة هورتن هو 229 الألمانية
تطور طائرات الجناح الطائر
إلى ذلك، تزايد الاهتمام الأميركي بطائرات نورثروب خلال الفترة الأولى من الحرب العالمية الثانية. فمع سقوط فرنسا وظهور مؤشرات حول إمكانية استسلام بريطانيا واندلاع حرب مع اليابان، اتجه الأميركيون للبحث عن قاذفات استراتيجية قادرة على عبور الأطلسي لشن ضربات بأوروبا وعبور المحيط الهادئ لبلوغ اليابان وقصف مدنها.
صورة للطائرة نورثروب إن 1 أم
وانطلاقا من ذلك، صمم جاك نورثروب أواخر تشرين الأول/أكتوبر 1941 طائرة نورثروب واي بي 35 (Northrop YB-35) التي كانت شبيهة لدرجة كبيرة لنورثروب بي 2 سبيريت من حيث المظهر. وحسب التصاميم المقترحة، امتلكت نورثروب واي بي 35 أربعة محركات مراوح وزودت بثمانية مراوح كما بلغت سرعتها حوالي 600 كلم بالساعة وكانت قادرة على نقل 23 طنا من القنابل.
صورة للطائرة نورثروب واي بي 49
خلال العام 1946، ظهرت أولى طائرة نورثروب واي بي 35. وفي الأثناء، تأخر انتاج هذا النوع من الطائرات بسبب ظهور المحركات النفاثة وتراجع اهتمام المسؤولين العسكريين بالطائرات المزودة بالمراوح. وخلال التجارب، أثبتت نورثروب واي بي 35، والطائرة التي تلتها نورثروب واي بي 49، فشلها حيث عانتا من مشاكل عديدة أثناء الطيران وهو ما أدى لتحطم احداهما.
صورة لقاذفة القنابل بي 2 سبيريت
خلال السنوات التالية، عرفت الطائرات الملقبة بالجناح الطائر انتكاسة تزامنا مع توجه الإدارة الأميركية للتركيز على قاذفات القنابل التقليدية المزودة بمحركات نفاثة. إلى ذلك، عادت هذه الطائرات للواجهة مجددا خلال السبعينيات عقب اكتشاف وتطور تقنية التخفي (Stealth technology).