يوم 1 أيلول/سبتمبر 1939، عبرت القوات الألمانية الحدود المشتركة مع بولندا معلنة بذلك بداية الحرب العالمية الثانية، فعقب هذا التدخل العسكري، لم تتردد كل من بريطانيا وفرنسا في إعلان الحرب على ألمانيا. ولإنجاح عملية غزو الأراضي البولندية، حشد الألمان نحو مليوني جندي تواجدوا ضمن ما يقارب 66 كتيبة عسكرية. فضلا عن ذلك، جهز الألمان نحو 2750 دبابة و9 آلاف مدفع و2315 طائرة حربية لدعم قواتهم في مواجهة الجيش البولندي الذي تميز بإمكانياته المحدودة. ومع بداية التدخل العسكري، آمن أدولف هتلر أن قواته ستخوض حربا شرسة قد تستمر لأشهر عديدة. وفي الأثناء، ذهل الأخير عند متابعته للتقدم السريع لقواته ونجاحها في حسم الحرب خلال 35 يوما فقط.
تعقد الوضع بالنسبة للبولنديين
في خضم التدخل العسكري الألماني ببولندا، تعرض الجيش البولندي التابع لمنطقة كراكوف (Kraków) لنكسات عديدة خسر خلالها نسبة هامة من قواته. وبسبب ذلك، عجز هذا الجيش عن اللحاق بالمناطق القريبة من نهر سان (San) لتنظيم خط دفاعي جديد بها.
وفي خضم هذه الأحداث، أوكلت للجنرال البولندي فرانسيسزيك كليبيرغ (Franciszek Kleeberg)، قائد جيش منطقة بريست (Brest)، مهمة إعداد خط دفاعي بين بينسك (Pińsk) وبريست لصد أي تقدم ألماني محتمل. وعقب معارك ضارية ضد الألمان بكل من بريست وكوبرين (Kobryń)، حصل الجنرال كليبيرغ على دعم هام حيث انضمت له قوات فيلق الفرسان بودلاسكا (Podlaska). وأمام هذا الوضع، اتجه هذا الجنرال البولندي لشن هجوم على الألمان أملا في خلق ثغرة بالجنوب البولندي وإجبار الألمان على التراجع. وفي خضم هذه الأحداث، تعقدت وضعية الجيش البولندي عقب تدخل السوفييت ضدهم شرقا حيث باشرت القوات السوفيتية يوم 17 أيلول/سبتمبر 1939 دخولها للأراضي البولندية تمهيدا لاقتسامها مع الألمان.
استسلام بولندا
أثناء تواجده بالجنوب البولندي، ضم الجنرال كليبيرغ العديد من الفرق البولندية المنسحبة لقواته ليشكل بذلك جيشا بلغ قوامه 18 ألف عسكري. وفي المقابل، امتلكت هذه القوات البولندية تسليحا ضعيفا مقارنة بالجيش الألماني حيث تواجدت لدى البولنديين دبابات من نوع أف تي 17 (FT-17)، فرنسية الصنع، التي يعود تاريخ انتاجها للحرب العالمية الأولى. بضواحي مدينة كوك (Kock) بالجنوب الشرقي البولندي، التقت القوات البولندية مع نظيرتها الألمانية يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 1939. وعلى مدار يومين، أبدت القوات البولندية مقاومة شرسة حيث تصدى البولنديون بأكثر من مناسبة للهجمات الألمانية. فضلا عن ذلك، استعاد البولنديون السيطرة على عدد من القرى التي خسروها بالسابق.
وبداية من يوم 4 تشرين الأول/أكتوبر 1939، حشد الألمان مزيدا من القوات التابعة لفرقة المشاة 29 واتجهوا للتقدم صوب المواقع البولندية التي عانت من ويلات القصف المدفعي والجوي. بحلول يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر 1939، تأكد الجنرال البولندي كليبيرغ من حتمية هزيمته بسبب نفاد الذخيرة والمؤن. وأمام هذا الوضع، وافق الأخير في حدود العاشرة صباحا على الاستسلام واضعا بذلك حدا للحملة العسكرية الألمانية على بولندا التي انتهت بهزيمة الأخيرة واقتسامها بين الألمان والسوفييت.