كثرة الحديث عن أرقام ثروة المليارديرات، قد يجعلها رتيبة ومعتادة، وكأن تحقيقها أمر ممكن، لكن مقارنة هذه الثروات الورقية مع العالم الحقيقي، يجعلها تبدو مستحيلة، ولا تتماشى حتى مع المنطق. ارتفعت ثروة "إيلون ماسك" الأسبوع الماضي إلى مستوى 272 مليار دولار، موسعاً الفارق بشكل كبير مع أقرب منافسيه، ولكن ماسك لم يتغلب بعد على نفسه، إذ بلغت ثروته في قمتها 334 مليار دولار.
غياب الأصفار الاثني عشر واستبدالها بالأحرف، يجعل الحديث عن الحجم يبدو بسيطاً على غير حقيقته – رحم الله الخوارزمي – فهذا الصفر الذي اخترعه وجعل كتابة الأرقام وتسمية الأعداد أكثر سهولة، ودفع بطفرة في الرياضيات والتي كانت القاعدة التي بنيت عليها التكنولوجيا الحديثة كلها، لم تكن لتخلق هذا الحجم من الثراء والله أعلم.
بيد لك أن تتخيل أنه يلزمك كسب ما يصل إلى 16000 دولار كل ساعة منذ ميلاد المسيح حتى تنافس إيلون ماسك مؤقتاً. أو أن تحصل على 6 عملات بيتكوين كل يوم لمدة ألفي عام. أو أقل قليلاً من 5 أوقيات ذهبية في الساعة لنحو 20 قرناً من الزمن. ولكن القيم الصافية لثروات المليارديرات لا تعني بالضرورة إمكانية تحويلها لهذا الحجم الهائل من الأموال أو السلع، إذا ما قرر أياً من الأسماء في قائمة "بلومبرغ للمليارديرات" تحويلها إلى صورة مغايرة لما هي عليه من أسهم.
قبل عامين فقط، حينما قرر إيلون ماسك الاستحواذ على "تويتر" في صفقة بلغت قيمتها 44 مليار دولار، لم تفلح ثروته الهائلة والتي كانت في قمتها لتأمين دفع "ماسك" كامل قيمة العرض نقداً، واضطر إلى الحصول على دعم من المستثمرين وديون من عمالقة البنوك في وول ستريت لتأمين أكثر من نصف الصفقة. ولكن في المقابل انهارت ثروة ماسك من 222 مليار دولار حينها إلى أقل من 160 مليار دولار، بسبب الضغط البيعي الكبير الذي مارسه على أسهم تسلا.
الخروج الهادئ
وعلى النقيض من ماسك، كان الرئيس التنفيذي، والمؤسس المشارك لشركة "أمازون"، جيف بيزوس، أكثر هدوءاً، في تخارجاته وتسييل جزء من ثروته، إذ يحتفظ بنقدية تبلغ 20.7 مليار دولار من ثروته البالغ حجمها 211 مليار دولار، بعدما قرر بيع الأسهم على دفعات خلال الـ 12 شهراً الماضية.
ويكشف حجم السيولة النقدية لدى بيزوس، عتبة صعبة أيضاً، فحتى 20 مليار دولار تحتاج إلى كسب نفس الأرقام السابقة ولكن لمدة 200 عام فقط.