خلال العام 1844، تمكن المرشح الديمقراطي جيمس بولك (James K. Polk) من حسم السباق الرئاسي لصالحه عقب تفوقه على مرشح حزب اليمين هنري كلاي (Henry Clay). وبهذه الانتخابات، حصل جيمس بولك على 170 صوتا بالمجمع الانتخابي مقابل 105 لصالح منافسه هنري كلاي ليصبح بذلك الرئيس الحادي عشر بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية. إلى ذلك، شغل بولك منصب الرئيس لفترة رئاسية واحدة. وخلالها، شهدت الولايات المتحدة الأميركية العديد من الأحداث التي غيرت مجرى تاريخ البلاد. من جهة ثانية، أثار بولك عددا من الانتقادات والتساؤلات لدى المؤرخين المعاصرين بسبب قضية امتلاكه لعبيد تواجد ضمنهم عدد هام من الأطفال.
شراء الأطفال المستعبدين
خلال فترته الرئاسية الممتدة بين عامي 1845 و1849، تمكن الرئيس الأميركي جيمس بولك من زيادة مساحة البلاد بأكثر من الثلث بفضل الحرب التي شنها على المكسيك. فعقب إبرام اتفاقية غوادلوب هيدالغو (Guadalupe Hidalgo) مع المكسيكيين لإنهاء حالة الحرب يوم 2 شباط/فبراير 1848، نجحت الولايات المتحدة الأميركية في الحصول على المناطق التي تضم حاليا كاليفورنيا وتكساس ويوتا ونيومكسيكو ونيفادا وأريزونا إضافة لبعض الأجزاء من ولايات أوكلاهوما وكولورادو وكنساس ووايومنغ مقابل دفعها لمبلغ 15 مليون دولار للمكسيكيين.
إلى ذلك، أثارت إمكانية انتشار ممارسة العبودية نحو المناطق المكتسبة حديثا قلقا متزايدا لدى مناهضي هذه الممارسة من الشماليين. وبسبب ذلك، اتجه الرئيس الأميركي جيمس بولك لإخفاء حقيقة شرائه لعدد من الأطفال من ذوي الأصول الإفريقية، بهدف استعبادهم بمزرعة القطن الخاصة به بولاية مسيسيبي. وحسب عدد من المؤرخين الأميركيين، اشترى جيمس بولك خلال فترته الرئاسية ما بين عامي 1845 و1849 حوالي 19 فردا من العبيد كان من ضمنهم 13 طفلا بلغ عمر أصغرهم 10 سنوات.
من جهة ثانية، حاول بولك إخفاء حقيقة شرائه للأطفال بهدف استعبادهم. ولهذا السبب، اعتمد الأخير على وكلاء خاصين به لشراء الأطفال المستعبدين ونقلهم بشكل سري نحو مزرعته بولاية ميسيسبي. وفي الأثناء، حصل بولك على هذه المزرعة بميسيسبي عقب صدور قانون إزالة الهنود عام 1830 والذي تم على إثره طرد السكان الأصليين من أماكن إقامتهم ودفعهم للتنقل نحو المناطق الداخلية بظروف صعبة أدت لوفاة عدد كبير منهم.
العبيد بمزرعة بولك
إلى ذلك، لم يكن بولك من معارضي العبودية. في تصريحات سابقة وصف بولك العبودية بالأمر الأخلاقي دون أن يشير لعملية استعباد الأطفال. ومع توليه لمنصب الرئيس عقب فوزه بانتخابات العام 1844، أحضر جيمس بولك معه أشخاصا مستعبدين للبيت الأبيض. وفي الأثناء، مثّل جيمس بولك واحدا من 12 رئيسا امتلكوا عبيدا. وقد خدم 8 منهم من قبله بالبيت الأبيض.
من جهة ثانية، حاول بولك عقب توليه للرئاسة تجنب الحديث عن مسألة العبودية حيث تخوف الأخير حينها من ردة فعل الشماليين، المعارضين لهذه الممارسة والذين تزايد عددهم بشكل لافت للانتباه بالكونغرس الأميركي، وانتقادات الصحف المناهضة للعبودية. حسب العديد من المؤرخين، فضّل بولك شراء الأطفال المستعبدين بسبب سعرهم الرخيص وسعيا منه لزيادة هامش الربح بمزرعته. من ناحية أخرى، كان معدل الوفيات بصفوف العبيد مرتفعا بولاية ميسيسبي بسبب الأمراض. وبمزرعة بولك، بلغت نسبة الوفيات بين العبيد 50 بالمائة. بعد نهاية فترته الرئاسية بأشهر، توفي جيمس بولك عن عمر ناهز 53 سنة. وعلى إثر ذلك، تولت زوجته مهمة استعباد العبيد الذين اشتراهم زوجها. ومع بداية الحرب الأهلية الأميركية، فر أغلب هؤلاء العبيد من مزرعة بولك واتجهوا للشمال للالتحاق بجيش الاتحاد.