مع تزايد مساحتها عقب حرب الاستقلال وقبول بريطانيا بمعاهدة باريس لسنة 1783، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع خلافات متزايدة بين ولاياتها الجنوبية والشمالية. وتعود أسباب هذه الخلافات بشكل رئيسي لمسألة العبودية، فبينما أيد الشماليون إنهاء هذه الممارسة التي وصفوها بغير الأخلاقية، رفض الجنوبيون ذلك بسبب حاجتهم الماسة للعبيد بمزارع القطن. وقبل الحرب الأهلية الأميركية التي اندلعت عام 1861 وأسفرت عن إلغاء العبودية، حاول عدد من السياسيين الأميركيين حظر هذه الممارسة بأكثر من مناسبة. وقد جاءت أهم هذه المحاولات عام 1846 ضمن ما وصف بشرط ويلموت (Wilmot priviso).
أراضي جديدة من المكسيك
مع حصولها على أراض جديدة عقب صفقة لويزيانا، شهدت الولايات المتحدة الأميركية تزايدا في حدة التوتر بين الشمال والجنوب. وفي الأثناء، نجح الأميركيون في تخطي هذه الأزمات عقب صفقات واتفاقيات أبرمت بين السياسيين المؤيدين والمناهضين للعبودية.
ما بين عامي 1846 و1848، عاشت المنطقة على وقع الحرب الأميركية المكسيكية التي أسفرت عن سقوط عشرات آلاف القتلى والجرحى وانتهت بانتصار الأميركيين. وعقب مفاوضات السلام، حصلت الولايات المتحدة الأميركية على مناطق شاسعة من المكسيك، ضمت حاليا كلاً من كاليفورنيا وتكساس ويوتا ونيومكسيكو ونيفادا وأريزونا إضافة لبعض الأجزاء من ولايات أوكلاهوما وكولورادو وكنساس ووايومنغ، مقابل دفعها لمبلغ 15 مليون دولار للمكسيكيين. وفي خضم هذه الأحداث، ظهر بالولايات المتحدة الأميركية شرط ويلموت، الذي دافع عنه السياسي عن حزب الأرض الحرة دافيد ويلموت (David Wilmot) وعدد من رفاقه السياسيين الآخرين، لكبح انتشار العبودية بالبلاد.
فشل "شرط ويلموت"
إلى ذلك، لم يكن دافيد ويلموت من مؤيدي أو معارضي العبودية حيث اتخذ الأخير موقفا محايدا لم يطالب من خلاله بتواصل أو إجهاض هذه الممارسة. وفي الأثناء، حاول الأخير من خلال هذا القانون منع تفشي نظام العبودية نحو المناطق التي ستحصل عليها الولايات المتحدة الأميركية من المكسيك. ومن خلال ذلك، حاول دافيد ويلموت ورفاقه خلق فرص اقتصادية أخرى للسكان البيض بالولايات الجديدة بعيدا عن الاقتصاد القائم على القطن والعبيد. خلال شهر آب/أغسطس 1846، عرض النائب دافيد ويلموت مشروع قانون "شرط ويلموت" على الكونغرس. وبمجلس النواب، الذي هيمن عليه مناهضو العبودية، قوبل هذا القانون بترحيب كبير. وفي الأثناء، أجهض مجلس الشيوخ، الذي حظي به الجنوبيون بتمثيل أكبر، مشروع هذا القانون ليسقط بذلك "شرط ويلموت".
خلال شهر شباط/فبراير 1847، عرض مشروع هذا القانون مجددا على الكونغرس. ومرة أخرى، أجهضه مجلس الشيوخ. وبالعام التالي، فشل مناهضو العبودية في دمج شرط ويلموت باتفاقية غوادلوب هيدالغو (Guadalupe Hidalgo) للسلام مع المكسيك. على الرغم من عدم تمريره بالكونغرس، أثار "شرط ويلموت" أزمة إضافية حول مسألة العبودية وأعاد للواجهة الخلاف بين الشمال والجنوب. وفي الأثناء، ساهم ذلك في تصاعد حدة التوتر بالبلاد وجعل من الحرب الأهلية أمرا حتميا.