خلال العام 1996، استضافت مدينة أتلانتا (Atlanta)، بولاية جورجيا الأميركية، النسخة السادسة والعشرين من الألعاب الأولمبية الصيفية. وقد استضافت أتلانتا فعاليات هذه الأولمبياد ما بين يومي 19 تموز/يوليو و4 آب/أغسطس. وفي الأثناء، افتتح الرئيس الأميركي بيل كلينتون أولمبياد أتلانتا التي شارك بها 10320 رياضياً مثّلوا 197 دولة. إلى ذلك، شهدت أولمبياد 1996 حدثا غير مسبوق. فبمنتصف فترة الأولمبياد، اهتزت أتلانتا على وقع تفجير أسفر عن سقوط العديد من القتلى والجرحى. وفي الأثناء، احتاج مكتب التحقيقات الفيدرالي 7 سنوات كاملة للإطاحة بالمسؤول عن هذه التفجيرات.
قتيلان و111 جريحاً
يوم 27 تموز/يوليو 1996، اهتزت مدينة أتلانتا على وقع تفجير استهدف الحديقة الأولمبية المئوية (Centennial Olympic Park). وبهذا التفجير، استخدم المنفذ قنبلة مسمارية وتسبب في مقتل شخصين، أحدهما مصور تركي توفي بسكتة قلبية عقب التفجيرات، وإصابة 111 آخرين. قبل فترة وجيزة من وقوع التفجيرات، تلقت أجهزة الأمن الأميركية تحذيرات من شخص مجهول حول الحادثة. وبسبب ذلك، اتجه مكتب التحقيقات الفيدرالي نحو نظرية غريبة شكك من خلالها في تورط رجل أمن يدعى ريتشارد جيويل (Richard Jewell) بتدبير التفجير. فقبيل وقوع الانفجار، اكتشف جيويل القنبلة واتجه لإجلاء الحاضرين مساهماً بذلك في إنقاذ العديد من الأرواح. وبسبب ذلك، تحول جيويل للمتهم الرئيسي طيلة ثلاثة أشهر واتهم بتدبير الحادثة بحثا عن الشهرة.
الكشف عن هوية منفذ العملية
إلى ذلك، لم يتمكن مكتب التحقيقات الفيدرالي من تحديد المشتبه به الحقيقي سوى عام 1998. فخلال شهر يناير 1998، كان الطالب الأميركي جيرماين هيوز (Jermaine Hughes) شاهداً على تفجير استهدف عيادة الإجهاض ببرمنغهام. وبالتزامن مع ذلك، لاحظ الأخير فرار شخص يدعى إريك رودولف (Eric Rudolph) من مسرح الجريمة وابتعاده عن المكان تزامناً مع قدوم العديد من الحاضرين لمساعدة وإسعاف الجرحى. وعلى الفور، لاحق جيرمان هيوز، رفقة محام يدعى جيف تيكال (Jeff Tickal) تواجد قرب موقع الحادثة، المشتبه به إريك رودولف ودوّنوا رقم لوحة سيارته وحددوا ملامحه.
عقب كشف هويته، فرّ إريك رودولف نحو غابات كارولينا الشمالية. وفي الأثناء، تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالية من الربط بينه وبين تفجيرات طالت الحديقة الأولمبية المئوية سنة 1996 وعيادة الإجهاض ببرمنغهام وحانة للشواذ. وعقب توجيه التهم إليه بشكل رسمي، وضع رودولف على قائمة أهم 10 مطلوبين لدى مكتب التحقيقات الفيدرالية. ظل رودولف هاربا من العدالة لمدة خمس سنوات وتمكن من النجاة بفضل المساعدات التي قدمها له عدد من المقربين منه. وبفضل تشديد القوانين والقواعد الأمنية والتعاون الأمني بين المسؤولين الفيدراليين وسلطات إنفاذ القانون المحلية عقب أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالية من القبض على إريك رودولف.
وخلال شهر أيار/مايو 2003، تمكن أحد رجال الأمن من القبض على رودولف، بعد التعرف على ملامحه بشكل دقيق عندما كان بصدد البحث عن بعض الطعام بسلة مهملات في مورفي (Murphy) بكارولينا الشمالية. عقب مثوله أمام المحكمة، اعترف رودولف بجميع التهم الموجهة له لينال على إثر ذلك حكما بالسجن المؤبد.