خلال القرن الماضي، شهدت العديد من الدول ظهور أحزاب شيوعية تأثرت بأفكار كارل ماركس وفلاديمير لينين. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، برزت هذه الأحزاب الشيوعية بشكل لافت للانتباه. إضافة للاتحاد السوفيتي، قاد الشيوعيون بألمانيا سنة 1919 ثورة، لقبت بثورة سبارتاكوس، انتهت بحمام دم وأسفرت عن سقوط مئات القتلى عقب تدخل القوات الحكومية والقوات شبه عسكرية. وبالإضافة لألمانيا، شهدت الولايات المتحدة الأميركية سنة 1919 ظهور حزب شيوعي. وخلافا للحزبين الجمهوري والديمقراطي، لم يحقق هذا الحزب الشيوعي أي نجاح يذكر على الصعيد السياسي بالرغم من تأثيره الهام بالأوساط العمالية.
نشاط الحزب بين العشرينيات والثلاثينيات
ظهر الحزب الشيوعي للولايات المتحدة الأميركية سنة 1919 عقب انقسام وخلاف حاد صلب الحزب الاشتراكي الأميركي على إثر الثورة البلشفية بروسيا التي أدت لحصول فلاديمير لينين ورفاقه البلاشفة على مقاليد الحكم. إلى ذلك، يرتبط تاريخ الحزب الشيوعي للولايات المتحدة الأميركية بشكل وثيق بالحركات العمالية والأحزاب الشيوعية الأخرى النافذة على الصعيد العالمي. وأثناء فترة الرعب الأحمر الأولى ما بين 1919 و1920 وملاحقة السلطات الأميركية للشيوعيين والمتعاطفين معهم، عمل الحزب الشيوعي الأميركي في الخفاء لتجنب وقوع أفراده بقبضة قوات الأمن.
وما بين عشرينيات وأربعينيات القرن الماضي، لعب الحزب الشيوعي دورا هاما في تأسيس مؤتمر المنظمات الصناعية. كما نشط هذا الحزب في الآن ذاته بمجال مناهضة العنصرية وانتقد الميز العنصري واتجه سنة 1931 للدفاع عن فتية سكوتسبورو (Scottsboro Boys) الذين تمثلوا في تسعة فتية من أصول أفريقية اتهموا، دون أدلة واضحة، باغتصاب امرأتين من البيض. خلال فترة الكساد الكبير، بلغ الحزب الشيوعي للولايات المتحدة الأميركية ذروة نشاطه حيث لعب الأخير دورا هاما في حشد العمال والعاطلين عن العمل. وقد عمل هذا الحزب الشيوعي بشكل فاعل لدعم مشاريع فرانكلن روزفلت لمعالجة تبعات الكساد الكبير وحث على اعتماد خدمات الضمان الاجتماعي والتأمين ضد البطالة.
نهاية الحزب الشيوعي الأميركي
بفضل أزمة الكساد الكبير والتحالف الأميركي السوفيتي بالحرب العالمية الثانية، كسب الحزب الشيوعي الأميركي بعض الاهتمام حيث بلغ عدد أعضائه بأوجه 70 ألف عضو بقيادة المسؤول الشيوعي إيرل براودر (Earl Browder). من جهة ثانية، دعم الحزب سياسة الرئيس فرانكلن روزفلت طيلة فترة الحرب تزامنا مع ظهور فكرة لدى منتسبيه حول ترسخ الحزب الشيوعي بالمشهد السياسي الأميركي.
سنة 1944، تم حل الحزب الشيوعي للولايات المتحدة الأميركية الذي تحول حينها للجمعية السياسية الشيوعية. ومع بداية الحرب الباردة، ظهر هذا الحزب مجددا وعاد للنشاط بشكل محدود أثناء فترة السياسة المكارثية (McCarthyism). وفي الأثناء، فشلت معارضة الحزب الشيوعي الأميركي لخطة مارشال وتوجهات ترومان السياسية. وعقب وفاة جوزيف ستالين وبداية سياسة اجتثاث الستالينية بالاتحاد السوفيتي، انهار هذا الحزب وأصبح بلا تأثير على الساحة السياسية الأميركية حيث تراجع عدد أعضائه بشكل لافت للانتباه كما تزايدت الانشقاقات داخله بسبب الخلاف حول دعم الاتحاد السوفيتي.