يوم الثالث من أيلول/سبتمبر 1783، شهدت العاصمة الفرنسية باريس توقيع معاهدة السلام التي أنهت حرب الاستقلال الأميركية. وبموجب هذه المعاهدة الموقعة بين ممثلي المستعمرات الثلاث عشرة وبريطانيا، اعترف البريطانيون باستقلال الولايات المتحدة الأميركية بعد سنوات من القتال. ومنذ استقلالها، واجهت الولايات المتحدة الأميركية، حديثة النشأة، العديد من الأزمات الاقتصادية. وقد جاءت أبرز هذه الأزمات سنة 1789 ضمن ما وصف حينها بهلع النحاس عام 1789.
انهيار العملات المعدنية
عقب الثورة الأميركية، باشرت العديد من الولايات الأميركية في سك عملاتها الخاصة المصنوعة من النحاس. وفي البداية، قوبل استخدام العملات النحاسية بترحيب واسع من قبل المسؤولين والبنكيين الأميركيين حيث كانت هنالك مستويات ثقة عالية بهذه العملات المصنوعة من النحاس عالي الجودة.
إلى ذلك، اتجهت بريطانيا بأكثر من مناسبة لشل الاقتصاد الأميركي عن طريق محاولة إقحام عملات نحاسية جديدة بها. فضلا عن ذلك، باشر العديد من المزورين في إنتاج العملات النحاسية مجبرين بذلك الصاغة على تخفيض قيمة عملاتهم المعدنية. وبسبب كل ذلك، بدأت قيمة النحاس في الانخفاض بشكل لافت للانتباه. وبحلول العام 1787، اتجهت ولاية نيو جيرسي لاتخاذ قرار بعدم قبول عدد من العملات المتأتية من ولايات أخرى. ومع تدهور قيمة النحاس، أجبر عدد كبير من الصاغة على الإغلاق ليتبقى بالسوق عدد هائل من المزورين الذين أنتجوا عملات معدنية منخفضة الجودة.
انفراج الأزمة وعودة الاستقرار
بحلول العام 1789، غمرت السوق الأميركية بالكامل بالنحاس منخفض القيمة وغير القانوني. وبسبب ذلك، فقد المواطنون الأميركيون ثقتهم بالعملات النحاسية. وبمحاولة منها لتدارك الأمر، حاولت السلطات الأميركية تحديد قيمة موحدة للعملة النحاسية. إلى ذلك، رفض التجار الأميركيون التعاون مع السلطات تزامنا مع فقدانهم للثقة بهذه العملات. وبشكل سريع، أصبحت العملات المعدنية عديمة القيمة تزامنا مع بلوغ معدل التضخم للنحاس نسبة 430%. ومع تواصل هذه الأزمة، تراجعت العمليات التجارية بشكل كبير وهو ما أجبر العديد من الشركات والمصنعين على الإغلاق.
تدريجيا، عرفت هذه الأزمة انفراجا بفضل بنك فيلادلفيا، المصنف كثاني بنك بالولايات المتحدة الأميركية، الذي باشر بإصدار عملات ورقية لتحل محل العملات النحاسية. وأملا في تدارك الأزمة، اتجهت الحكومة الأميركية للتفاعل مع الخطة لتعمل بذلك لإنشاء مزيد من العملات الورقية. تدريجيا، عاد الاستقرار للاقتصاد الأميركي. وبالفترة التالية، عرفت قيمة النحاس ارتفاعا ملحوظا قبل أن تعود للقيمة العادية بمعظم الولايات. ومع عودة الثقة بالنظام النقدي، ازدهرت التجارة مجددا. وأملا في تجنب تكرار هذه الأزمة، اتجهت السلطات الأميركية إلى انشاء معيار عملة فيدرالي أقوى.