شهدت منطقة القطب الجنوبي خلال شهر يوليو/تموز 2024، ارتفاعا في درجة الحرارة بمعدل 10 درجات مئوية فوق المعدل الطبيعي، وهي ظاهرة تم وصفها من قبل علماء المناخ بأنها "نادرة ومثيرة للقلق، وموجة حر شبه قياسية في أحد أبرد الأماكن في العالم".
وفي القارة القطبية الجنوبية، وعلى الرغم من بقاء درجات الحرارة أقل من درجة التجمّد، إلا أن أعماق الشتاء في نصف الكرة الجنوبي شهدت أياما كانت فيها درجات الحرارة أعلى بمقدار 28 درجة مئوية من المتوقع. وأكد مدير التنبؤ في شركة الأرصاد الجوية "MetDesk"، مايكل ديوكس، أن متوسط ارتفاع درجة الحرارة على مدار شهر يوليو الماضي كان أكثر إثارة للقلق من أعلى مستوياته اليومية، موضحا أن "نماذج المناخ تنبأت منذ فترة طويلة بتأثيرات شديدة لتغير المناخ في المناطق القطبية، وما حدث في القطب الجنوبي مؤخرا مثال صارخ على هذا".
وبينما لفت ديوكس إلى أن "شهرا واحدا لا يشير عادة إلى اتجاه مناخي، إلا أن هذا يتوافق مع ما تنبأت به النماذج". وحذّر من أن "مثل هذه الاتجاهات الاحترارية، وخاصة في فصل الشتاء الممتد إلى الصيف، قد تؤدي إلى انهيار الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية". ومن المثير للاهتمام، أن شهر يوليو 2024 كان أول مرة منذ 14 شهرا، لم يتم فيها كسر أرقام درجات الحرارة القياسية.
من ناحيته، أقرّ زيك هاوسفاذر، وهو عالم أبحاث في بيركلي إيرث، بأن موجة الحر الأخيرة في القارة القطبية الجنوبية، ساهمت بشكل كبير في ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وأوضح أن "القارة القطبية الجنوبية ارتفعت درجة حرارتها على مدى الـ50 والـ150 عاما الماضية، لذا فإن أي موجة حر تبدأ الآن من خط أساس أعلى، ومن الآمن أن نقول إن غالبية ارتفاع درجات الحرارة العالمية الأخيرة كان بسبب هذه الموجة الحارة".
وفيما يتعلق بأسباب الدفء غير المعتاد في القارة القطبية الجنوبية، فقد شهدت المنطقة موجتين حارتين كبيرتين في العامين الماضيين، إذ تسببت الموجة السابقة في مارس/آذار 2022 في ذوبان الجليد بشكل كبير، بينما ارتبط الارتفاع الحالي في درجات الحرارة بظاهرة "النينيو" القوية بشكل خاص، والتي تؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
وإلى جانب هذا، فإن بعض خبراء المناخ يقترحون أن "ظاهرة الاحتباس الحراري في طبقة الستراتوسفير الجنوبية" النادرة فوق القارة القطبية الجنوبية ربما ساهمت في موجة الحر، على الرغم من أن تأثيرها المحدد على ظروف السطح لا يزال غير واضح. وفيما أشار جوناثان ويلي، الباحث في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، إلى حدوث تكرار متزايد لمثل هذه الأحداث، فقد لفت إلى أن التأثير المباشر لأزمة المناخ على هذا الحدث المحدد، لم يتم فهمه بالكامل بعد.
يشار إلى أن العام الماضي 2023 شهد اتجاها عالميا لدرجات حرارة مرتفعة قياسية، إذ تجاوزت المتوسطات الشهرية في كثير من الأحيان الزيادة الحرجة، البالغة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وهو معيار يُستشهد به غالبا على أنه ضروري لمنع التأثيرات الشديدة للتغير المناخي.