مع بداية توسع استخدام الهاتف، واجهت الولايات المتحدة الأميركية مشاكل مع العمال الذين اختصوا بمجال تشغيل الهاتف الملقبين بمشغلي لوحات المفاتيح، فبفترة تميزت بانتداب الذكور بكثافة للعمل بمختلف المجالات، شهد مجال تشغيل الهاتف حالة استثنائية حيث أثبت الذكور عدم قدرتهم على العمل كمشغلي لوحات مفاتيح بسبب استعمال أغلبهم لغة حادة وألفاظا سيئة مع الحرفاء. وأمام هذا الوضع، اتجهت شركات الهاتف الأميركية لانتداب الفتيات والشابات للعمل بهذا القطاع.
صورة لعدد من مشغلات الهاتف الأميركيات بفرنسا خلال شهر آذار 1918
وحسب التقارير الأميركية، عملت سنة 1910 نحو 88 ألف شابة بمجال تشغيل الهاتف. وسنة 1920 ارتفع هذا العدد ليبلغ 178 ألفا وعام 1930، قدر عدد النساء بمجال تشغيل الهاتف بنحو 235 ألفا. ومع دخولها الحرب العالمية الأولى لجانب فرنسا وبريطانيا، لم تتردد واشنطن في نقل عدد من هؤلاء النساء نحو أوروبا للعمل لصالح الجيش الأميركي.
صورة لمشغلات الهاتف الأميركيات بفرنسا
انتداب النساء بالجيش
منذ وصوله لفرنسا، واجه الجيش الأميركي مشاكل عديدة بمجال الاتصالات. وقد تركزت أهم هذه المشاكل بمجالي المعدات المستخدمة والحاجز اللغوي. فبسبب سنوات الحرب، عانت شبكة الاتصال الفرنسية من مشاكل تقنية. وأمام هذا الوضع، جلب الأميركيون معداتهم وعمدوا لبناء شبكة اتصال خاصة بهم. ولتشغيل هذه الشبكة، اعتمد الأميركيون في البداية على مشغلي هاتف فرنسيين. وفي الأثناء، أثبت هذا الحل فشله بسبب عدم اتقان المشغلين الفرنسيين للغة الإنجليزية.
ولتدارك الأمر، نشر الجنرال الأميركي جون بيرشينغ (John J. Pershing) عرضا عممه بجميع الصحف الأميركية دعا من خلاله النساء الأميركيات للتطوع بالجيش والحصول على وظيفة مشغلات هاتف. ولحدود خريف العام 1918، تطوعت 7600 امرأة للعمل بهذا المجال مع الجيش. وفي مقابل ذلك، وقع الاختيار على 223 امرأة فقط تم إرسالهن ما بين آذار/مارس وتشرين الأول/أكتوبر 1918 نحو فرنسا.
ملصق دعائي أميركي حول مشغلات الهاتف بالحرب العالمية الأولى
معركة قانونية
إلى ذلك، قبلت أغلب النساء بالعمل صلب الجيش كمشغلات هاتف بسبب رغبتهن في السفر واكتشاف مناطق جديدة. وقبيل انتقالهن لفرنسا، خضعت مشغلات الهاتف لدورات تكوينية بنيويورك وشيكاغو وسان فرانسيسكو. فضلا عن ذلك، خضعت هذه النساء الأميركيات لاختبارات دقيقة للتأكد من إتقانهن للغة الفرنسية.
صورة لإحدى مشغلات الهاتف الأميركيات بالحرب العالمية الأولى
لاحقا، أرسلت هذه النساء الأميركيات للعمل كمشغلات هاتف بصفوف الجيش الأميركي بفرنسا. وحسب التقارير، تكفلت مشغلات الهاتف، اللوات لقبن حينها بHello Girls، بربط ما يقدر بنحو 150 ألف مكالمة بشكل يومي. فضلا عن ذلك، تواجد عدد منهن بمواقع بعيدة بضعة كيلومترات فقط عن جبهات القتال.
مع نهاية الحرب العالمية الأولى، رفض الجيش الأميركي منح أية امتيازات لمشغلات الهاتف مصنفا إياهن كمتطوعات بالجيش. وعلى مدار نحو 60 سنة، قادت هؤلاء النساء معركة قانونية للحصول على حقوقهن. وبحلول العام 1977، وافق الرئيس الأميركي جيمي كارتر على الاعتراف بدور مشغلات الهاتف بالحرب العالمية الأولى لتصنف من تبقين على قيد الحياة منهن كقدماء حرب.