عقب حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند على يد غافريلو برانسيب (Gavrilo Princip) المصنف كأحد متعصبي صرب البوسنة، شهدت القارة الأوروبية حالة من التوتر حيث طالبت النمسا صربيا بالتعاون معها خلال التحقيقات وتسليم عدد من المتهمين. ومع رفض صربيا الرضوخ لطلبات النمسا، لم يتردد النمساويون في التدخل عسكريا ضد صربيا ليشهد العالم بذلك بداية الحرب العالمية الأولى عقب تفعيل سياسة التحالفات. ومع اندلاع هذه الحرب، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية لاتخاذ موقف الحياد نائية بنفسها عن هذا النزاع الذي وصفته بالصراع الأوروبي. وبحلول العام 1917، تغير الموقف الأميركي لتدخل بذلك واشنطن الحرب لجانب الحلفاء.
الدخول الأميركي بالحرب
وعقب فترة من الجمود على الجبهة الغربية بسبب تركز المعارك داخل الخنادق، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية خلال شهر أبريل 1917 لإعلان الحرب على ألمانيا لتدخل على إثر ذلك بكامل ثقلها هذا الصراع العالمي. وقد جاء هذا القرار الأميركي بسبب تدهور العلاقات بين برلين وواشنطن بسبب هجمات الغواصات الألمانية على السفن الأميركية بالمحيط الأطلسي، ضمن حرب الغواصات، وبرقية زيمرمان التي وعد من خلالها الألمان بإعادة قسم من أراضي الجنوب الغربي الأميركي للمكسيك في حال تحالف الأخيرة معهم ضد الولايات المتحدة الأميركية.
يوم 9 أبريل 1917، وصلت أولى القوات الأميركية لبريطانيا. وبحلول يونيو من العام نفسه، انتقلت هذه القوات نحو فرنسا، بقيادة الجنرال جون بيرشينغ (John J. Pershing)، لتشارك بالعمليات ضد الألمان على الجبهة الغربية. وبحلول نوفمبر 1918، قدر عدد الجنود الأميركيين الذين قاتلوا على الجبهة الغربية بما يزيد عن مليوني جندي. وفي الأثناء، فقد نحو 50 ألفا منهم حياتهم أثناء العمليات القتالية.
الانسحاب الأميركي من ألمانيا
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، غادرت آخر الفرق العسكرية الأميركية الأراضي الفرنسية بحلول سبتمبر 1919. وفي الأثناء، ظل عدد ضئيل من الجنود الأميركيين بفرنسا بعد أن كلفوا بمهمة التعرف على هويات القتلى الأميركيين بالحرب ودفنهم بالمقابر العسكرية. من جهة ثانية، تم إرسال قوة أميركية تكونت من 16 ألف عسكري نحو مدينة كوبلنز (Coblenz) الألمانية كجزء من قوة الاحتلال التي أرسلها الحلفاء نحو الراين (Rhine) بناء على ما نصت عليه معاهدة فرساي (Versailles).
ومع استلامه للسلطة خلفا لوودرو ولسن، أعلن الرئيس الأميركي وارن هاردينغ (Warren G. Harding) عن رغبته في إنهاء الاحتلال الأميركي وإعادة الجنود الأميركيين من ألمانيا. وعقب إصداره لأمر تنفيذي، باشرت القوات الأميركية بالانسحاب والعودة للأراضي الأميركية. ويوم 10 يناير 1923، غادرت آخر القوات الأميركية الأراضي الألمانية لينتهي بذلك التواجد الأميركي بألمانيا عقب الحرب العالمية الأولى. وقد تصادفت عودة القوات الأميركية حينها مع فضيحة تشارلز فوربيس (Charles Forbes) الذي ترأس مكتب قدماء الحرب بالولايات المتحدة الأميركية حيث تورط الأخير في فضائح مالية وفساد إداري بعشرات ملايين الدولارات التي كانت قد خصصتها الإدارة الأميركية لمساعدة الجنود الأميركيين المصابين بالحرب العالمية الأولى.