يشهد العالم موجة من القلق بسبب التغير المناخي الذي تشهده الكرة الأرضية بشكل متسارع، فيما يتساءل الكثيرون عن الانعكاسات التي يُمكن أن تنتج عن هذا التغير، ويقول بعض العلماء إن هذا التحول المناخي من الممكن أن يؤدي إلى الكثير من الكوارث بما فيها الزلازل والبراكين والأمراض والأوبئة.
ويقول العلماء إن الزلازل هي واحدة من الكوارث الطبيعية الأكثر غموضاً والأكثر تسبباً للرعب بسبب أنها تؤدي إلى عدد هائل من القتلى والجرحى في غضون دقائق معدودة أو حتى ثوانٍ قليلة. وقال تقرير نشره موقع المتخصص بأخبار العلوم والتكنولوجيا، إنه على الرغم من أن لدينا فكرة عن الوقت الذي قد تحدث فيه الكوارث الكبرى، إلا أن بعضها الآخر يمكن أن يحدث على ما يبدو من العدم، مما يؤدي إلى تجريف المدن وخلق كوارث ثانوية مثل الحرائق والانهيارات الأرضية وأمواج تسونامي.
هل يؤدي التغير المناخي إلى موجة زلازل تضرب العالم؟
ويقول التقرير إن التغير المناخي الذي قد يتسبب بمزيد من الزلازل في العالم يتسبب أيضاً في زيادة الكوارث الطبيعية الأخرى، مثل حرائق الغابات والأعاصير. وبحسب التقرير فإن أكبر وأخطر أنواع الزلازل هو "الزلزال التكتوني"، وتحدث هذه الزلازل بسبب الصفائح التكتونية، وهي ألواح الصخور الضخمة التي تشكل قشرة الأرض والوشاح العلوي.
وتتسبب الحرارة المنبعثة من أعماق الكوكب في تحرك هذه الصفائح بمعدل نصف بوصة (1.5 سم) سنوياً، مما يجعلها تحتك ببعضها البعض، وهو ما يؤدي إلى تزايد الضغط في تلك المناطق حتى يصل إلى نقطة الانهيار حيث تتحرك الصفائح فجأة، وتطلق طاقة تسبب الزلازل.
وعلى عكس الكوارث الأخرى، يكاد يكون من المستحيل التنبؤ بموعد حدوث الزلازل، مما يجعل عمليات الإخلاء المخطط لها أقرب إلى المستحيل. ولسوء الحظ، فإن تغير المناخ يمكن أن يجعل الزلازل تحدث بالقرب من بعضها البعض وبكثافة أكبر، كما قال الخبراء. كما أنه مع ظاهرة الاحتباس الحراري، تذوب الأنهار الجليدية بمعدل متزايد، وهو ما يزيد من مخاطر حدوث الزلازل.
وقال جون كاسيدي، عالم الزلازل في هيئة المسح الجيولوجي الكندية وجامعة فيكتوريا، إنه عندما تتدفق مياه الأنهار الجليدية الذائبة من الأرض إلى البحر، فإن الأرض التي كانت تقع تحتها ترتفع. ويضيف كاسيدي إنه نفس المبدأ الذي يحدث عندما يدفع الطفل قطعة من المعكرونة تحت السطح ثم يتركها تبقى المعكرونة في الأسفل طالما كان هناك ضغط من الأعلى، ولكن بمجرد تحرير هذا الضغط، فإنها ترتفع مرة أخرى. وعندما يحدث هذا، فإن اختلافات الضغط يمكن أن تتسبب في حدوث الصدوع التي كانت خاملة في السابق لتنفجر فجأة، مما يسبب الزلازل.
أما الأكثر إثارة للقلق من الزلازل فهو ذوبان الأنهار الجليدية وهي تلك التي يمكن أن تنتج عن ارتفاع مستوى سطح البحر. وقال ماركو بونهوف، عالم الجيوفيزياء في مركز جي إف زد هيلمهولتز بوتسدام وجامعة برلين الحرة في ألمانيا، إنه مع ارتفاع مستوى سطح البحر، يرتفع أيضاً الضغط تحت الماء في قاع البحر. ومع ارتفاع ضغط المياه، سيزداد الضغط على خطوط الصدع القريبة من الساحل أيضاً.
وقال بونهوف: "العديد من الزلازل متأخرة في دورتها الزلزالية"، بما في ذلك الزلازل التي من المتوقع حدوثها بالقرب من سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس في العقود القليلة المقبلة. ويضيف: "وهذا يعني أن مجرد زيادة طفيفة في الضغط كافية لتقدم الساعة الزلزالية. وقد تكون كافية في العديد من الأماكن لإحداث الزلازل". بونهوف أنه حتى لو توقفنا عن استخدام الغازات الدفيئة الآن، فسوف يستغرق الأمر ما يصل إلى 1000 عام حتى يتوقف ارتفاع مستوى سطح البحر. ويتوقع أنه خلال ذلك الوقت، ستصبح الفجوات بين الزلازل الساحلية الكبيرة أقصر.
ويقول كاسيدي إنه غير متأكد مما إذا كان ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي إلى تغير كافٍ في الضغط لجعل هذه الزلازل العملاقة تحدث بشكل أسرع، على الأقل خلال حياتنا. لكنه يشدد على أنه عندما تحدث، فإن تغير المناخ سيجعلها أكثر خطورة. وسوف تصل موجات التسونامي الناجمة عن الزلازل إلى مناطق أبعد في الداخل مع ارتفاع مستوى سطح البحر. وسوف تؤدي المحيطات الأكثر دفئا إلى زيادة هطول الأمطار، الأمر الذي سيزيد من خطر الانهيارات الأرضية الناجمة عن الزلازل.