مع نهاية الحرب العالمية الأولى التي خلفت ما يزيد عن 20 مليون ضحية بين قتيل وجريح، عاشت مناطق أوروبية عديدة على وقع دمار هائل بسبب المعارك التي نشبت على أراضيها. وكانت بلجيكا حينها تحولت لمسرح نزاع بالحرب، على الرغم من اتخاذها موقف الحياد بالبداية، عقب اجتياح الألمان لها. وبتلك الفترة، خلفت سنوات الحرب دمارا كبيرا بهذا البلد الأوروبي الصغير الذي قتل حوالي 130 ألفا من سكانه.
وبحلول العام 1920، حصلت مدينة أنتويرب (Antwerp) البلجيكية على شرف استضافة سادس نسخة، وأول نسخة ما بعد الحرب، من الألعاب الأولمبية الصيفية التي مثلت حدثا رياضيا هاما تناقلت أطواره العديد من وسائل الإعلام العالمية. في الأثناء، افتتحت النسخة السادسة من الألعاب الأولمبية وسط أجواء مشحونة بسبب مخلفات الحرب العالمية الأولى.
اختيار أنتويرب
يوم 9 آب/أغسطس 1913، تشكلت اللجنة الأولمبية التي كان من المقرر أن تحدد المدينة التي ستستضيف الألعاب الأولمبية سنة 1916. وبسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى عقب حادثة سراييفو وتدخل النمسا ضد صربيا، اتجهت اللجنة الأولمبية لإلغاء الألعاب الأولمبية لسنة 1916.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى واستسلام ألمانيا، وافقت اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية على منح مدينة أنتويرب البلجيكية شرف استضافة الألعاب الأولمبية للعام 1920، التي جرت أطوارها ما بين يومي 23 نيسان/أبريل و12 أيلول/سبتمبر 1920، كتكريم وتقدير لها على ما تحملته بالحرب العالمية الأولى أثناء تواجد الجيش الألماني ببلجيكا. وبسبب تضرر العديد من مرافق أنتويرب وتأخر أشغال إعادة البناء، وافقت مدينتا بروكسل وأوستيند (Ostend) على استضافة عدد من الأحداث الرياضية بالألعاب الأولمبية الصيفية للعام 1920.
إقصاء ألمانيا وحلفائها
ثم حققت الألعاب الأولمبية الصيفية للعام 1920 رقما قياسيا، حيث شارك بها 2626 رياضيا، كان من ضمنهم 65 امرأة، مثّلوا 29 دولة. وقد جاءت هذه الأرقام حينها لتشكل سابقة مقارنة بعدد الدول والرياضيين الذين شاركوا بالنسخ السابقة من الألعاب الأولمبية الصيفية. وفي خضم ألعاب أنتويرب 1920، جاءت مسألة الإمبراطوريات الوسطى لتثير حالة من الجدل. فبتلك الفترة، اتهمت هذه الدول، وعلى رأسها الإمبراطورية الألمانية، بإشعال فتيل الحرب العالمية الأولى والتسبب في سقوط عشرات ملايين الضحايا. وإضافة لألمانيا، تضمنت قائمة هذه الدول كل من النمسا والمجر والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا.
وبحسب قرار صادر سنة 1919، سمح فقط للدول الأعضاء باللجنة الأولمبية الدولية، إضافة لعدد من الدول غير الأوروبية الأخرى التي تتلقى دعوة خاصة، بالمشاركة بالألعاب الأولمبية المقامة بأنتويرب. وفي الأثناء، كانت عضوية كل من ألمانيا وحلفائها معلقة باللجنة الدولية الأولمبية. وبسبب ذلك، أقصيت هذه الدول ومنعت من المشاركة بألعاب أنتويرب 1920. يذكر أنه خلال ألعاب أنتويرب 1920، حلت الولايات المتحدة الأميركية بالمركز الأول حيث حصد رياضيوها 95 ميدالية كانت من ضمنها 41 ميدالية ذهبية، و27 ميدالية فضية و27 ميدالية برونزية. في الأثناء، حلت السويد بالمركز الثاني بمجموع 64 ميدالية، وجاءت فنلندا ثالثة عقب حصولها على 34 ميدالية.