في خضم الحرب الباردة، عاش العالم ما بين عامي 1955 و1975 على وقع حرب فيتنام التي اندلعت بين فيتنام الشمالية وجارتها الجنوبية. وبهذه الحرب، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية للتدخل بشكل مباشر وواسع عقب حادثة خليج تونكين (Tonkin) سنة 1964. فبتلك الفترة، مرر الكونغرس قرارا سمح للرئيس ليندون جونسون بزيادة حجم الوجود العسكري الأميركي بالمنطقة. من جهة ثانية، اتجه الاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية لتوفير مساعدات عسكرية هائلة لفيتنام الشمالية حيث حصلت الأخيرة على معدات عسكرية متطورة لمواجهة الفيتناميين الجنوبيين والأميركيين.
الدعم الصيني
خلال العام 1950، قدمت جمهورية الصين الشعبية، حديثة النشأة، اعترافها الرسمي بجمهورية فيتنام الديمقراطية واتجهت في الآن ذاته لإرسال كميات هائلة من المعدات العسكرية الثقيلة والمستشارين العسكريين، بقيادة لوه غيبو (Luo Guibo)، لمساندة رابطة تحرير فيتنام التي حاربت ضد التواجد الفرنسي. وأثناء عملية التفاوض على مسودة اتفاقيات جنيف لعام 1954 حول مسألة فيتنام، حث الصينيون والفرنسيون رابطة تحرير فيتنام على القبول بتقسيم الحدود بين فيتنام الشمالية والجنوبية عند خط العرض 17 تزامنا مع تزايد الشكوك حول إمكانية حدوث تدخل عسكري أميركي مباشر بالمنطقة لحماية فيتنام الجنوبية.
مع اندلاع حرب فيتنام، باشرت الصين الشعبية بمد يد العون لفيتنام الشمالية. وتزامنا مع بداية التدخل العسكري الأميركي المباشر بالحرب سنة 1964، تزايد الدعم الصيني لفيتنام الشمالية بشكل هائل. إلى ذلك، تضمن الدعم الصيني مساعدات مالية كبيرة إضافة لإرسال عشرات الآلاف من العسكريين والمتطوعين للمشاركة بعمليات الدعم والتدريب. خلال صيف سنة 1962، كان ما تسي تونغ قد وافق على حزمة مساعدات هائلة لجمهورية فيتنام الشمالية. وقد تضمنت هذه المساعدات إرسال 90 ألف بندقية.
وسنة 1965، وافق الزعيم الصيني على إرسال وحدات مضادة للطائرات وفرق هندسية للمساعدة في إصلاح المعدات العسكرية والطرقات والسكك الحديدية التي دمرها القصف الأميركي. وبفضل هذا الدعم، تمكنت فيتنام الشمالية من إرسال مزيد من الفرق نحو جبهات القتال. وطيلة السنوات التالية، أرسلت الصين الشعبية ما يزيد عن 200 ألف عسكري ومتطوع لفيتنام الشمالية، كما قدمت معدات عسكرية، بشكل سنوي، بلغت تكلفتها حوالي 180 مليون دولار.
خلاف صيني سوفيتي
حسب تصريحاتهم، تحدث الصينيون مؤكدين أن دعمهم العسكري قد تسبب في ما يقدر بحوالي 38 بالمائة من الخسائر الأميركية بحرب فيتنام. من ناحية أخرى، قدرت جمهورية الصين الشعبية قيمة دعمها العسكري لفيتنام الشمالية وقوات الفيت كونغ (Viet Cong) بحوالي 20 مليار دولار طيلة سنوات الحرب. من ناحية أخرى تحدثت نفس التقارير عن تقديم الصين الشعبية لنحو مليوني بندقية ومليار رصاصة وآلاف قطع المدفعية وما يزيد عن 17 مليون قذيفة لفيتنام الشمالية خلال سنوات الحرب.
خلال شهر آب/أغسطس 1968، عرفت العلاقات الصينية السوفيتية تدهورا خطيرا عقب تدخل السوفييت بتشيكوسلوفاكيا. ومع تصاعد حدة التوتر بين البلدين، طالبت الصين الشعبية فيتنام الشمالية بقطع علاقاتها مع الاتحاد السوفيتي. ومع رفض فيتنام الشمالية لهذا الطلب، باشرت الصين الشعبية بسحب قواتها من فيتنام وتقليص حجم مساعداتها العسكرية استعدادا لحرب محتملة مع السوفييت. من جهة ثانية، لم تتردد بكين في توفير دعم هام للخمير الحمر بكمبوديا وللاوس لمواجهة التدخل الأميركي والقصف المكثف عليهما.
نن