قبل 80 سنة، باشر الحلفاء يوم 6 حزيران/يونيو 1944 بإنزال قواتهم على شواطئ نورماندي ضمن ما وصف بأكبر إنزال بحري عرفه التاريخ. وفي خضم هذه العملية، تمكن الحلفاء، خاصة الأميركيين والبريطانيين، من مباغتة القوات الألمانية التي فشلت في تحديد موقع ويوم الإنزال. ومع نجاح إنزال نورماندي، تمكن الحلفاء من وضع رؤوس جسورهم بالمنطقة ليباشروا على إثر ذلك، طيلة الأسابيع التالية، بإنزال مزيد من القوات بالمنطقة. وخلال الفترة التالية، ساهم إنزال نورماندي في تحرير باريس وبقية الأراضي الفرنسية من الاحتلال الألماني الذي استمر منذ منتصف العام 1940.
الخطط الدفاعية الألمانية
وبعد أشهر، قاد الحلفاء عملية تمويه كبيرة عرفت بعملية الحارس الشخصي (Bodyguard) لتضليل الألمان حول موقع ومكان الإنزال البحري الذي كان ستالين قد طالب به بوقت سابق بهدف فتح جبهة ثانية ضد الألمان وتخفيف العبء على قواته بالجبهة الشرقية. إلى ذلك، كان الاتحاد السوفيتي عنصرا فاعلا بعملية الحارس الشخصي التضليلية. فخلال صيف العام 1944، توقع الألمان غزوا كبيرا من الحلفاء للمناطق الأوروبية الغربية القابعة تحت سيطرتهم.
في الأثناء، عجز الألمان عن تحديد موقع الإنزال بدقة حيث قدم الحلفاء العديد من المعلومات الخاطئة حول موعد ومكان الإنزال مجبرين بذلك الألمان على تعزيز دفاعاتهم بشكل هائل على طول حدود المناطق المحتلة المطلة على المحيط الأطلسي. وبسبب طول هذه الخطوط الدفاعية وامتدادها على آلاف الكيلومترات بين النرويج والحدود الإسبانية، فشل الألمان في تشييد دفاعات متينة، بعدد من المناطق، لمقارعة أي إنزال محتمل.
إنزال سوفيتي محتمل بالنرويج
خلال شهر نيسان/أبريل 1944، باشر أسطول الشمال السوفيتي وقوات الجيش الأحمر المنتشرة على الجهة الكاريلية بإظهار تحركات مريبة أوحت للألمان بإمكانية قيام الاتحاد السوفيتي بعملية إنزال كبيرة بشمال النرويج. وبشكل صوري، أظهر السوفيت للألمان قيامهم بتكديس القوات بينما نفذت قاذفات القنابل السوفيتية نوعا من الطلعات الجوية الاستطلاعية التمويهية، بشمال النرويج، التي بثت الرعب في نفوس مسؤولي القيادة العسكرية الألمانية. من ناحية ثانية، أرسلت موسكو عددا من ضباطها وخبرائها العسكريين لإسكتلندا ضمن عملية تمويهية سيتم خلالها التنسيق حول الإنزال بالنرويج. وللتأكد من وصول هذه المعلومات الخاطئة حول البعثة السوفيتية للألمان، عمدت المخابرات السوفيتية، رفقة الجيش الأحمر، للتحرك بشكل واضح افتقر للسرية.
ومطلع شهر أيار/مايو 1944، راسلت موسكو ولندن السويد بشكل علني وطلبتا منها السماح لطائرات الحلفاء بالنزول بمطاراتها للتزود بالوقود خلال العمليات ضد الألمان. وقد جاءت هذه الحركة حينها لتمويه الجانب الألماني وزيادة شكوكه حول الإنزال بالنرويج. يذكر أنه وعلى الرغم من عدم نجاح الخطة السوفيتية في إجبار الألمان على نقل مزيد من القوات نحو النرويج، إلا أن موسكو ساعمت بشكل كبير في تشتيت نظر القيادة العسكرية الألمانية. جاء هذا قبيل إنزال نورماندي، التي بقيت متخوفة من تدخل سوفيتي محتمل بالنرويج وخسارة هذه المنطقة لصالح الجيش الأحمر الذي بات بدوره على مقربة من الحدود الألمانية.