خلال فترة الحرب العالمية الثانية، لعبت الأحوال الجوية دورا هاما في تعطيل تقدم الألمان على الجبهة الشرقية. فعقب تعمقهم بالأراضي السوفيتية، واجه الجنود ويلات الشتاء الروسي البارد الذي لم يكونوا معتادين عليه. ومع بداية الربيع وذوبان الجليد، واجه الألمان مصاعب أخرى بسبب الوحل الكثيف الذي عرقل تقدم الآليات الألمانية. وعلى الجبهة الفرنسية، لعبت حالة الطقس دورا هاما في إفشال مخططات أدولف هتلر. فقبيل عملية إنزال نورماندي يوم 6 حزيران/يونيو 1944، تسبب خطأ في تكهن الأحوال الجوية في نجاح إنزال الحلفاء وخسارة ألمانيا لمكاسبها بفرنسا بالأشهر التالية.

دور خبراء الطقس البريطانيين
أثناء استعدادهم لإنزال قواتهم بشواطئ نورماندي، واجه الحلفاء مصاعب عديدة بسبب حالة الطقس. فحسب الخبراء العسكريين الأميركيين والبريطانيين، احتاج الحلفاء لمتابعة عاملين أساسيين تمثلا في ضوء القمر لإضاءة موقع الإنزال وحركة المد والجزر لتسهيل هبوط الجنود على الشواطئ وكشف الدفاعات التي وضعها الألمان تحت الماء. وإضافة لذلك، تخوف الحلفاء من الأحوال الجوية. فحسب التقارير، توجّب على القيادة العسكرية تجنب الأيام التي قد تهب خلالها الرياح العاتية حيث كان من الممكن أن تقوم هذه العوامل الجوية السيئة بقلب مركبات الإنزال وعرقلة تقدم الجنود نحو الشواطئ.

إلى ذلك، وقعت مهمة التنبؤ بحالة الطقس بالقناة الإنجليزية يوم الإنزال على عاتق فريق من المتنبئين من البحرية الملكية ومكتب الأرصاد الجوية البريطاني والقوات الجوية الإستراتيجية والتكتيكية الأميركية. ومع اقتراب موعد الإنزال، عاش فريق المتنبئين بالطقس على وقع حالة من التخبط. قبل فترة وجيزة من الإنزال، تحدث عدد من خبراء الطقس البريطانيين يوم 29 أيار/مايو 1944 عن وجود منخفض وتقلبات جوية عند منطقة نيوفاوندلاند (Newfoundland). وفي الأثناء، توقع أغلب هؤلاء الخبراء وصول هذه العاصفة نحو القناة الإنجليزية بحلول يوم 5 حزيران/يونيو من العام نفسه. من جهة ثانية، رفض خبراء الطقس الأميركيون هذه التصريحات وتحدثوا في المقابل عن مناخ ملائم لعملية الإنزال بالقناة الإنجليزية خلال اليوم المتفق عليه.

من جهته، انحاز خبير الأحوال الجوية البريطاني جيمس ستاغ (James Stagg) لزملائه البريطانيين وتحدث بدوره عن حالة طقس سيئة. وبسبب توقعات ستاغ، وافق الجنرال الأميركي دوايت أيزنهاور على تأخير الإنزال، الذي كان مقررا في البداية يوم 4 حزيران/يونيو، 24 ساعة. إلى ذلك، شهد يوم 4 حزيران/يونيو 1944 هبوب رياح شديدة ونزول أمطار كثيفة بأيرلندا وإسكتلندا. وفي الأثناء، اتصل ستاغ بأيزنهاور وأخبره أن اليوم الملائم للإنزال سيكون بحلول السادس من نفس الشهر. وعلى الرغم من تواصل هطول الأمطار يوم 5 حزيران/يونيو 1944، وضع أيزنهاور ثقته بتنبؤات ستاغ وزملائه واتجه لإعطاء الضوء الأخضر للقيام بالإنزال يوم 6 حزيران/يونيو 1944.

فشل خبراء الطقس الألمان
على الجانب الآخر من القناة الإنجليزية، آمن خبراء الأحوال الجوية الألمان بحتمية تواصل الأحوال الجوية السيئة لحدود منتصف حزيران/يونيو 1944 وتحدثوا في الآن ذاته عن استحالة قيام الحلفاء بعملية إنزال عبر القناة الإنجليزية بتلك الفترة. ومع صدور هذه التقارير، ترك عدد كبير من الجنود الألمان مواقعهم الدفاعية على الشواطئ، التي تواجدت ضمنها شواطئ نورماندي، واتجهوا للمشاركة بعمليات تدريبية بمواقع أخرى قريبة. وبالتزامن مع ذلك، غادر المارشال الألماني إرفين رومل (Erwin Rommel)، المعروف بثعلب الصحراء، موقعه كمسؤول رئيسي بالدفاعات واتجه للعودة لمنزله لإهداء زوجته زوجا من الأحذية الباريسية الفاخرة بمناسبة عيد ميلادها.

يوم 6 حزيران/يونيو 1944، فوجئ الألمان بحالة الطقس الجيدة وبداية نزول الحلفاء على شواطئ نورماندي. لاحقا، فشل الألمان في طرد قوات الحلفاء من المنطقة. وبفضل ذلك، وضع الحلفاء رؤوس جسورهم وواصلوا نقل قواتهم نحو نورماندي قبل أن يتمكنوا بالأشهر التالية من تحرير فرنسا وطرد الألمان منها.