مسلسلات رمضان 2024
جنود روس أرسلوا لمساعدة فرنسا فتمردوا داخل أراضيها
28/05/2024

بعد مضي شهر عن حادثة اغتيال ولي عهد النمسا يوم 28 حزيران/يونيو 1914، شهد العالم بداية الحرب العالمية الأولى عقب إقدام النمسا على إعلان الحرب على صربيا وتفعيل سياسة التحالفات القائمة بالقارة الأوروبية. وفي خضم هذا النزاع، قاتلت كل من فرنسا وروسيا بصف واحد لجانب بريطانيا ضد الألمان والنمساويين والعثمانيين. وبينما توقع كثيرون نهاية الحرب بحلول العام الجديد، استمر هذا النزاع العالمي لحدود تشرين الثاني/نوفمبر 1918، وأسفر عن مقتل وإصابة ما يزيد عن 20 مليون شخص.

جنود روس أرسلوا لمساعدة فرنسا فتمردوا داخل أراضيها صورة رقم 1

نقل الجنود الروس نحو لاكورتين
خلال الأشهر الأولى من الحرب، واجهت القوات الفرنسية انتكاسات عديدة فقدت خلالها عددا كبيرا من الجنود. وبطلب من المارشال جوزيف جوفري (Joseph Joffre)، اتجه السياسي الفرنسي بول دومير (Paul Doumer) لروسيا للقاء القيصر نيقولا الثاني والحديث معه حول إمكانية إرسال جنود روس نحو الجبهة الغربية لمساندة الفرنسيين. وبتلك الفترة، وافق القيصر الروسي على طلب حلفائه الفرنسيين. فحسب بيانات تلك الفترة، امتلكت الإمبراطورية الروسية حينها أكبر جيش بالعالم من حيث عدد الجنود. وحسب ما اتفق عليه الطرفان، آمنت فرنسا بإمكانية إرسال روسيا 40 ألف جندي لفرنسا شهريا مقابل منحها 450 ألف بندقية لدعم الجيش الروسي في مواجهة الألمان على الجبهة الشرقية.

جنود روس أرسلوا لمساعدة فرنسا فتمردوا داخل أراضيها صورة رقم 2

وبنهاية المطاف، حصلت فرنسا خلال العام 1916 على 40 ألف جندي روسي فقط تواجدوا ضمن 4 فرق مشاة. وبينما أرسلت فرقتان لدعم جيش الشرق الفرنسي الذي قاتل ضد العثمانيين، أرسلت الفرقتان المتبقيتان نحو الجبهة الغربية للمشاركة بالمعارك ضد الألمان. بحلول العام 1917، سمع الجنود الروس المتواجدون بفرنسا بخبر عزل القيصر نيقولا الثاني وأحداث ثورة شباط/فبراير.

جنود روس أرسلوا لمساعدة فرنسا فتمردوا داخل أراضيها صورة رقم 3

وأمام هذا الوضع، اتجه الجنود الروس، الذين تواجد ضمنهم عدد كبير من ذوي التوجهات الشيوعية، لتنظيم أنفسهم ضمن لجان وعمدوا في الآن ذاته للتصويت حول رفض مواصلة القتال لجانب الفرنسيين. وعقب هجوم نيفال (Nivelle) الفرنسي الفاشل الذي تكبد خلاله الروس خسائر فادحة، اتجه الجنود الروس المتمركزون بفرنسا لرفض تنفيذ الأوامر والمشاركة بالأعمال القتالية مؤكدين أنهم اعتمدوا بالسابق كعملة من قبل القيصر لمقايضتهم بالأسلحة. وخوفا من إمكانية توسع حالات العصيان وبلوغها الجيش الفرنسي، اتجهت السلطات الفرنسية لنقل جميع القوات الروسية، المقدر عددها حينها بحوالي 16 ألف عنصر، بعيدا عن الجبهة نحو قاعدة لاكورتين (La Courtine) بإقليم كروز (Creuse).

جنود روس أرسلوا لمساعدة فرنسا فتمردوا داخل أراضيها صورة رقم 4

تمرد الجنود الروس
يوم 26 حزيران/يونيو 1917، حل نحو 16 ألف جندي روسي بقاعدة لاكورتين. وفي الأثناء، كانت أغلبية هؤلاء الجنود من الشيوعيين الرافضين لسياسة الحكومة المؤقتة والمؤيدين للبلشفيين. وتدريجيا، اتجه الجنود الروس لعصيان الأوامر مطالبين بإعادتهم لوطنهم وإنهاء خدمتهم بفرنسا. وفي خضم حالة العصيان هذه، عمد الآلاف من الجنود الروس، الموالين للنظام ببتروغراد، لتسليم أسلحتهم ومغادرة القاعدة خلسة لتسليم أنفسهم للفرنسيين. من ناحية أخرى، أحكم الجنود الروس المتمردون قبضتهم على قاعدة لاكورتين وعمدوا لطرد الضباط الفرنسيين منها جاعلين من القاعدة منطقة تحت سيطرتهم المطلقة. وأمام خطورة الوضع وإمكانية توسع رقعة التمرد لخارج القاعدة، عمدت السلطات الفرنسية لجلب عدد هام من فرق المشاة والمدفعية لمحاصرة لاكورتين وإجبار الروس على الاستسلام.

جنود روس أرسلوا لمساعدة فرنسا فتمردوا داخل أراضيها صورة رقم 5

ما بين يومي 16 و20 أيلول/سبتمبر 1917، دكت المدفعية الفرنسية المواقع الروسية بقاعدة لاكورتين. وأمام وطأة القصف وعدم امتلاكهم لما يكفي من الذخيرة والمؤن، استسلم الجنود الروس المتمردون للفرنسيين. وحسب التقارير الفرنسية، تحدثت باريس عن مقتل 9 جنود روس فقط خلال العملية. وفي الأثناء، رجحت تقارير أخرى مقتل المئات من الجنود الروس. لاحقا، اتجهت فرنسا لاستغلال هؤلاء الجنود الروس مجددا. وبينما وافق عدد منهم، من أنصار القيصر سابقا على العودة للجبهة، أرسل آخرون، ممن صنفوا بالخطرين، نحو معسكرات اعتقال للقيام بأشغال شاقة. وعلى الرغم من نهاية الحرب، واصل عدد من الروس خدمتهم بالجيش الفرنسي وشاركوا ما بين أواخر العام 1918 وعام 1919 في احتلال منطقة رينلاند (Rhineland) الألمانية.

جنود روس أرسلوا لمساعدة فرنسا فتمردوا داخل أراضيها صورة رقم 6