في تاريخ الجريمة والسرقات، تتخذ بعض الحوادث منحى غريباً قد لا يصدّق في بعض الأحيان، حيث يقوم الجناة بسرقة أشياء غريبة ومثيرة للدهشة، وتعتبر هذه السرقات غير المألوفة من بين أكثر الأحداث غرابةً في سجلات الجريمة، حيث تكشف عن خيال الجناة وقدرتهم على التخطيط والتنفيذ بطرق خبيثة ومفاجئة تتنوّع من سرقة الأعمال الفنية إلى السلع النادرة، والبنوك والمجوهرات. في هذا التقرير، سنحدّثكم عن بعض من أغرب السرقات في التاريخ التي أثارت دهشة العالم، وتظهر كيف يمكن للجريمة أن تأخذ أشكالاً متنوعة وغريبة في بعض الأحيان.
السرقة التي جعلت الموناليزا أشهر لوحة فنية:
في 21 أغسطس 1911، حدثت واحدة ضمن أغرب وأعجب قصص السرقة عبر التاريخ للوحة "الموناليزا" من متحف اللوفر في باريس، حيث كان اللص رجلاً إيطالياً يُدعى فينشنزو بيروجيا، يعمل كعامل نظافة في المتحف، وقد استغل بيروجيا وظيفته ليختبئ في المتحف بعد إغلاقه، ثم أزال اللوحة من إطارها وأخفاها تحت معطفه. وقد مرّت أكثر من 24 ساعة قبل أن يُكتشف اختفاء اللوحة، نتيجة لعدم وجود نظام إنذار فعال داخل المتحف ليلاً، مما جعل اللوحة عرضة للسرقة، ولم يتبيّن أن اللوحة قد اختفت سوى بعد فترة طويلة من الوقت، كما كانت الأعمال الفنية غالباً ما تُزال لأغراض التصوير أو التنظيف، وهذا ما أبعد شبهة السرقة عن اللوحة.
وقد تحوّل الحادث في البداية إلى محلّ اهتمام للصحافة الفرنسية، التي استهزأت بالحكومة المشرفة على إدارة المتحف ثمّ سرعان ما انتشرت الأخبار إلى الصحف الدولية، وظهرت عناوين تصف السرقة بأنها "أعظم سرقة لوحات دافنشي"، كما نشرت "نيويورك تايمز" تقارير عن "60 محققاً يبحثون عن الموناليزا المسروقة"، وأن "الجمهور الفرنسي غاضب". كما شهد متحف اللوفر طوابير طويلة للزوار الذين رغبوا في رؤية المكان الفارغ الذي كانت فيه اللوحة معلقة، ومن جهته تحدث الأستاذ نوح تشارني، مؤلف "سرقات الموناليزا"، لشبكة "سي إن إن" حول أهمية اللوحة وقال: "إنها أصبحت الأعمال الفنية الأشهر في العالم".
وبعد عامين من السرقة، تلقى تاجر فنون في فلورنسا رسالة تقول إنّ صاحبها يملك الموناليزا، ووقّع اللص على الرسالة باسم "ليوناردو"، وبعد اجتماع مع التاجر ومدير معرض أوفيزي في فلورنسا، اعترف اللص بالسرقة وتم القبض عليه وحكم عليه بالسجن لمدة 7 أشهر. أمّا في الوقت الحالي، فيؤكد معظم زوار متحف اللوفر الفرنسي أن السبب الرئيسي وراء زيارتهم هو رؤية اللوحة المشهورة، وقد أشارت شبكة أمريكية إلى أن هذه اللوحة ساهمت في جذب أكثر من 9.7 مليون زائر إلى المتحف في باريس خلال عام 2012.
رجل خمسيني يستغلّ الشوكولاتة لسرقة 120 ألف قيراط من الألماس:
استغلّ رجل في أواخر خمسينيات عمره الثقة التي كسبها كزبون موثوق به لدى أحد البنوك في مدينة أنتويرب الهولندية، حيث كان يُعرف بإحضاره شوكولاتة للموظفين بشكل دوري للحصول على تصريح VIP يمكنه من دخول الخزائن بعد ساعات العمل. وفي عام 2007، قام هذا الرجل الذي يُدعى "كارلوس هيكتور فلومينباوم" بعملية سرقة مدبرة لأكثر من 120 ألف ألماسة من بنك ABN-Amro بقيمة 28 مليون دولار وقد وضع الرجل الخمسيني خطة محكمة للسرقة، حيث تمكن من دخول الخزنة وسرقة المجوهرات بمهارة مستخدماً جواز سفر أرجنتيني مسروق لتنفيذ الجريمة.
الطبيب الذي سرق مخ "أينشتاين" للبحث عن الشهرة فخسر مهنة الطب:
عند وفاة ألبرت أينشتاين في عام 1955، أجرى الدكتور توماس ستولتز هارفي تشريحًا لجثته في مستشفى برينستون، وبالفعل، قام هارفي بإزالة دماغ أينشتاين بدون إذن من أسرته، وبحسب مقالة نشرت في صحيفة "نيويورك تايمز"، عندما كانت العائلة تستعد لحرق جثته في نيوجيرسي الأمريكية، علم ابنه هانز أن الجثة في التابوت لم تكن كاملة.
وخلال هذه العملية، قام بسرقة "مخ" أينشتاين بطريقة غير قانونية ونقله إلى جامعة بنسلفانيا، حيث قسمه إلى قطع لأغراض القيام بأبحاث طبية وقد صور هارفي عقل أينشتاين بعد وضعه في محلول فورمالدهيد. ولم يقع اكتشاف جريمة السرقة التي تعدّ ضمن أغرب السرقات في التاريخ على الإطلاق سوى عند وفاة الطبيب هارفي في عام 2007، حيث تمت تصفية ممتلكاته وتبرعت عائلته بالصور وأجزاء من عقل أينشتاين إلى المتحف الوطني للصحة والطب في سيلفر سبرينغز، ماريلاند.
ووفقاً لكارولين أبراهام، مؤلفة كتاب "عبقرية التملك.. الأوديسة الغريبة لدماغ أينشتاين"، يعتقد أن توماس هارفي أراد أن يصنع اسماً لنفسه. لكن لسوء الحظ، بسبب سرقته لمخ أينشتاين، فإن ما فعله كان سبباً في أن يفقد وظيفته وزوجته ووضعه كطبيب محترم تلقى تعليمه في جامعة برينستون.
سرقة مرحاض ذهبي من قصر بلينهايم البريطاني تبلغ قيمته 6 ملايين دولار:
في سبتمبر 2019، وقعت حادثة سرقة غريبة لمرحاض من الذهب عيار 18 في قصر بلينهايم الواقع في مقاطعة أكسفوردشير، حيث يقع منزل الزعيم البريطاني الراحل وينستون تشرشل، ويعتبر هذا المرحاض قطعة فنية فريدة من نوعها، إذ إنّه مصنوع من الذهب الخالص وتقدر قيمته بأكثر من 6 ملايين دولار كما تسببت سرقته في ضرر للمنزل الذي يعود للقرن الثامن عشر، بسبب فيضان المياه الناجم عن تصريف المرحاض.
وقد اعترف جيمس شين، البالغ من العمر 39 عاماً بأنه الشخص الذي قام بسرقة المرحاض الذهبي، بالإضافة إلى تورطه في جرائم أخرى منها تحويل ممتلكات مسروقة وأكد أن السرقة تمت أثناء تصريف المياه من المرحاض، الذي صممه الفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام المحكمة في 24 فبراير 2025، وفقاً لما ذكره موقع هيئة الإذاعة البريطانية "BBC.
كأس العالم التي سرقت وعثر عليها كلب بمحض الصدفة:
استضافت إنجلترا في الفترة ما بين يومي 11 و30 يوليو 1966 النسخة الثامنة من كأس العالم لكرة القدم، حيث شاركت فيها 16 دولة من مختلف مناطق العالم، وكانت هذه البطولة العالمية مسرحاً لتتويج إنجلترا بلقب بطل العالم لأول مرة في تاريخها، إذ تفوقت في المباراة النهائية على منتخب ألمانيا الغربية بنتيجة أربعة أهداف مقابل هدفين.
ومن بين الأحداث الغريبة التي شهدتها هذه البطولة، ورغم اتخاذ إجراءات أمنية صارمة لحمايتها، فقد تمكن لصوص مجهولون من سرقة كأس العالم من المعرض، وبالرغم من جهود الشرطة للعثور عليها قبل بدء البطولة، فشلت جميع المحاولات، ولكن لحسن الحظ، تم العثور عليها لاحقاً بفضل اكتشاف بيكلز، الكلب الذي قاد صاحبه ديفيد كوربيت إلى الكأس الضائعة.
ففي 21 مارس 1966، تلقى رئيس جامعة كرة القدم الإنجليزية مكالمة تطلب منه زيارة مقر نادي تشيلسي لاستلام طرد بريدي، وباستلامه الطرد، وجد فيه جزءاً من الكأس ورسالة مطالبة بفدية، وعلى الرغم من أنه تم اعتقال كوربيت للاشتباه في تورطه في السرقة، إلا أنه تبين لاحقاً أن دوره ودور كلبه في العثور على الكأس كانت حقيقية. وكمكافأة لجهودهم، تمت دعوة كوربيت وكلبه بيكلز لتناول العشاء مع فريق المنتخب الوطني لإنجلترا لكرة القدم، كما حصل كوربيت أيضاً على مكافأة مالية تقدر بـ 6000 جنيه إسترليني تقديراً لمساهمته في استعادة الكأس.
رجلان متنكران بزي رجال شرطة سرقا 13 عملاً فنياً:
في مارس/آذار 1990، تعرض متحف إيزابيلا ستيوارت جاردنر في بوسطن لسرقة من أغرب سرقات الممتلكات الخاصة في التاريخ، حيث انتحل شخصان صفة ضباط شرطة ودخلا المتحف وقاما بتقييد الحراس قبل أن يسرقا 13 عملاً فنياً بقيمة 500 مليون دولار.
وسعياً منه لاستعادة ممتلكاته، قام المتحف بتعيين مكافأة قدرها 5 ملايين دولار لمن يقدم لها معلومات تساعدها في العثور على الأعمال الفنية المسلوبة، وقد تم اختيار الأعمال التي سرقت بعناية خاصة، ويُعتقد أن اللصوص كانوا يعرفون قيمتها، ومن بين الأعمال المسروقة، لوحة "ذا كونسرت" لفيرمير، ولوحة "العاصفة على بحر الجليل" لريمبرانت.. ووفقاً لمكتب التحقيقات الفيدرالي، فقد قام السارقون بنقل الأعمال المسروقة وعرضها للبيع في فيلادلفيا في بدايات عام 2000، ويُعتقد أن اللصوص كانوا جزءاً من منظمة إجرامية تعرف بعصابة بوسطن بوبي دوناتي.
"تفكيك ونقل كنيسة قديمة عمرها 200 عام في روسيا":
تم بناء كنيسة كاتدرائية "سانت يونان" بالقرب من قرية كوماروفو في عام 1809 في منطقة تبعد حوالي 186 ميلاً من موسكو، وقد تم تركها بالكامل مهجورة من قبل السكان والحكومة وهو ما أتاح الفرصة المثالية للصوص لتفكيك الكنيسة حجراً حجراً، وسرقتها ويعتقد أن اللصوص جنوا أرباحاً جيدة من بيع الرموز الدينية والهياكل الكنسية لعشاق التحف الفنية العتيقة.
"سرقة سائل منوي للثيران في أيرلندا الشمالية":
قد حدثت جريمة السرقة في مزرعة بأيرلندا الشمالية، حيث وقع الاستيلاء على خزانين من السائل المنوي للثيران، وقد أعلنت الشرطة المحلية أن السرقة وقعت في منطقة تيرون بين الساعة الثالثة مساءً والساعة الواحدة ظهراً في الفترة بين 21 و23 أكتوبر/تشرين الأول.
ولم يتم تحديد قيمة دقيقة للسائل المنوي المسروق، لكنه يُعتبر ذا قيمة كبيرة، حيث يشتهر بأنه "الذهب الأبيض" بسبب قيمته العالية، ويباع بأسعار مرتفعة تصل إلى مئات الدولارات للقشة الواحدة. كما يتم تخزين السائل المنوي للثيران في خزانات مبردة للحفاظ على جودته، ويستخدم في التلقيح الاصطناعي للبقر، وتتطلب عملية تخزينه درجة حرارة متدنية جداً، تصل إلى -320 درجة فهرنهايت تقريباً، للحفاظ على سلامة العينات.