يوم 24 حزيران/يونيو 1812، اتجه نابليون بونابرت للزحف على الإمبراطورية الروسية رفقة مئات الآلاف من الجنود، وانطلاقا من ذلك، حاول الإمبراطور الفرنسي إجبار الروس على الامتثال للحصار القاري المفروض على بريطانيا وتوجيه ضربة للقيصر الروسي ألكسندر الأول الذي رفض التدخل في وقت سابق لإجبار النمساويين على عدم مهاجمة الحدود الشمالية للإمبراطورية الفرنسية. وخلال هذه الحملة على روسيا، خسر نابليون بونابرت النسبة الأكبر من جنوده. وفي الأثناء، كادت هزيمته أن تكون أكثر قسوة لولا تدخل العسكري، والمؤرخ، ذي الأصول السويسرية أنطوان هنري جوميني (Antoine-Henri Jomini).

الخدمة بالجيش الفرنسي
في التاسعة عشرة من عمره، شغل أنطوان هنري جوميني، المولود سنة 1779، منصب سكرتير بوزارة الحرب التابعة للجمهورية الهيلفيتية. وبحلول العام 1800، توجه جوميني لباريس التي استقر بها لوهلة قبل أن يكتشف المارشال الفرنسي ميشال ني (Michel Ney) موهبته العسكرية. وبحلول العام 1804، أصبح جوميني مساعدا للمارشال ني ليلتحق بذلك بالجيش الفرنسي ويباشر بتأليف عدد من الكتب حول الاستراتيجيات العسكرية. وكتكريم له على جهوده صلب الجيش الفرنسي، حصل هذا الشاب السويسري على رتبة كولونيل قبل أن يشارك لاحقا بحملات نابليون بونابرت على بروسيا وأراضي بولندا.

وبالفترة التالية، لاحظ نابليون بونابرت موهبة جوميني العسكرية. ولتكريمه على مساندته للجيش الفرنسي بحملاته العسكرية، منح نابليون بونابرت العسكري السويسري أنطوان هنري جوميني وسام جوقة الشرف سنة 1808 قبل أن يرفعه لرتبة جنرال بحلول العام 1810. وخلال الحملة العسكرية على روسيا، حصل جوميني على منصب حاكم مناطق فيلنا (Wilna) وسمولنسك (Smolensk). وأثناء الانسحاب الفرنسي من روسيا، حدد جوميني طريق الانسحاب للفرنسيين مساهما بذلك في إنقاذ ما تبقى من الجيش الفرنسي من قبضة الجنرال الروسي بيتر فيتغنشتاين (Peter Wittgenstein).

الخدمة مع الجيش الروسي
سنة 1813، شارك أنطوان هنري جوميني بمعارك لوتزن (Lützen) وبوتزن (Bautzen)، إلى جانب المارشال ميشال ني، التي حقق بها الفرنسيون انتصارات هامة. وكتكريم له، اتجه الجنرال ميشال ني لوضع اسم جوميني على رأس قائمة الجنود الذين كان من المقرر أن يحصلوا على ترقيات. وبدلا من ذلك، رفض المارشال لويس ألكسندر بيرتييه (Louis-Alexandre Berthier) هذه الترقية وأمر باعتقال جوميني لفترة بتهمة تقديم تقاريره العسكرية بشكل متأخر.

وأثارت عملية الاعتقال غضب جوميني. وخلال شهر آب/أغسطس 1813، فر الأخير من الجيش الفرنسي ليلتحق بالروس. وفي الأثناء، رحب الروس بجوميني ومنحوه رتبة جنرال. وبالفترة التالية، شارك هذا العسكري ذو الأصول السويسرية في إعداد خطط التحالف للسيطرة على فرنسا وإسقاط نابليون بونابرت. من ناحية أخرى، لاحظ القيصر الروسي ألكسندر الأول الخبرة العسكرية والسياسية لجوميني واتجه لتعيينه مساعدا شخصيا له. أثناء عمله لصالح الروس، أعاد جوميني تنظيم الأكاديميات العسكرية وشارك بمؤتمر فيينا سنة 1815.

وعام 1828، اعتمد القيصر الروسي عليه كمستشار عسكري خلال الحرب الروسية التركية التاسعة. وبحرب القرم، لم تتردد الإدارة العسكرية الروسية في استشارته بجانب من الأمور. لاحقا، عاد جوميني لفرنسا. وبحملته العسكرية على إيطاليا سنة 1859، اتجه نابليون الثالث لاستشارته حول عدد من الأمور العسكرية. إلى ذلك، قضى جوميني ما تبقى من حياته بفرنسا وفارق الحياة بباريس عن عمر ناهز 90 سنة يوم 22 آذار/مارس 1869.

نن