يوم 1 آب/أغسطس 1914، دخلت الإمبراطورية الروسية الحرب العالمية الأولى تزامنا مع إعلان ألمانيا الحرب عليها، وخلال هذه الحرب، خسر الروس ما يزيد عن 5 ملايين جندي بين قتيل وجريح واضطروا للخروج من الحرب عقب قبول البلاشفة بمعاهدة برست ليتوفسك (Brest-Litovsk) خلال شهر آذار/مارس 1918. وفي الأثناء، وجدت أوكرانيا نفسها ضمن أهم محاور الحرب حيث شهدت أراضيها العديد من المعارك، فضلا عن ذلك، انقسم الأوكرانيون بين الحلفاء والإمبراطوريات الوسطى حيث قاتل نحو 3 ملايين أوكراني لجانب الإمبراطورية الروسية بينما تواجد نحو ربع مليون أوكراني في صفوف قوات إمبراطورية النمسا-المجر.
تواصل العمليات القتالية بين الألمان والروس
عقب ثورة شباط/فبراير 1917 التي أزاحت القيصر نيقولا الثاني من سدة الحكم، أكدت الحكومة الروسية المؤقتة على مواصلة القتال لجانب الحلفاء. ومع نجاح ثورة تشرين الأول/أكتوبر 1918 واستيلاء البلاشفة على مقاليد السلطة، أعلن فلاديمير لينين أن روسيا ستخرج من الحرب واعدا بإعادة الجنود لديارهم. ومطلع كانون الأول/ديسمبر 1918، انطلقت المفاوضات بين الروس والألمان ببرست ليتوفسك، ومع مطالبة الألمان بالحصول على كل من بولندا وليتوانيا ولاتفيا، اتجه الروس للانسحاب من المفاوضات لتستعر بذلك الجبهة الشرقية مجددا.
وأمام ارتفاع الخسائر الروسية، تحدث المسؤول البلشفي ليون تروتسكي (Leon Trotsky) عن اعتبار الحرب على الجبهة الشرقية منتهية. إلى ذلك، رفض الألمان، الذين باشروا بنقل كميات هائلة من الجنود نحو الجبهة، تصريحات تروتسكي واتجهوا لمواصلة القتال. وكرد على تصريحات تروتسكي، وقّع المسؤول بقيادة الجيش الألماني ماكس هوفمان (Max Hoffmann) يوم 9 شباط/فبراير 1918 اتفاقية سلام مع جمهورية أوكرانيا الشعبية، حديثة النشأة، مؤكدا في المقابل على تواصل العمليات القتالية ضد الروس.
طرد البلشفيين من أوكرانيا
وخلال هجومهم الشامل على الجبهة الشرقية، تقدم الألمان والنمساويون بشكل سريع خلال شباط/فبراير 1918 وتمكنوا من السيطرة على مدن بيسكوف (Pskov) الروسية ونارفا (Narva) الإستونية. ويوم 21 من الشهر نفسه، تمكن الألمان من إخضاع عاصمة روسيا البيضاء منسك (Minsk).
ويوم 2 آذار/مارس 1918، تمكن الألمان من تأمين كييف واستعدوا للتقدم نحو سمولنسك التي بات سقوطها شبه مؤكد. من ناحية أخرى، تقدمت القوات الألمانية لمسافة 200 كلم داخل الأراضي الروسية بأسبوع واحد دون أن تواجه مقاومة تذكر. فضلا عن ذلك، تواجدت فرق من الجيش الألماني على بعد 100 كلم من العاصمة بيتروغراد (Petrograd). وأمام هذا الوضع، نقل البلاشفة العاصمة من بيتروغراد لموسكو.
وأمام التقدم الألماني السريع، رضخ البلشفيون، وعلى رأسهم تروتسكي، لمطالب الألمان، التي أصبحت أكثر قسوة، لإنهاء الحرب. وعقب توقيع معاهدة برست ليتوفسك، وضعت ألمانيا والنمسا يديهما على ما يقدر بنحو 500 كلم داخل أراضي جنوب الإمبراطورية الروسية سابقا. وبموجب ذلك، وقعت أوكرانيا بأكملها بقبضة الألمان. عقب هذه المعاهدة، تقدمت القوات الأوكرانية، بمساعدة الألمان، وتمكنت من طرد البلشفيين الأوكران من دونباس والقرم. وبمساعدة النمساويين، تمكن الأوكران يوم 13 آذار/مارس 1918 من السيطرة على كامل أوديسا.
ويوم 5 نيسان/أبريل 1918، ساعد الألمان الأوكرانيين في طرد البلاشفة من يكاترينوسلاف (Yekaterinoslav)، دنيبرو حاليا، وبعدها بثلاثة أيام فقط هيمن الأوكران على مناطق خاركيف. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة ألمانيا، تدخل الجيش الأحمر السوفيتي بشكل مباشر بأوكرانيا التي سرعان ما وقعت بيد البلاشفة لتتحول فيما بعد لجمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية التي مثلت جزء من الاتحاد السوفيتي.