حل الرئيس الصيني شي جين بينغ بفرنسا في زيارة تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومن المنتظر أن يناقش الصينيون والفرنسيون جملة من المسائل المتعلقة بفتح السوق الصينية أمام الصادرات الزراعية الفرنسية وحل جملة من القضايا المرتبطة بمستحضرات التجميل الفرنسية وحقوق الملكية الفكرية. وتأتي زيارة الرئيس الصيني لتؤكد على أهمية العلاقة بين بكين وباريس التي شهدت ظهورها وازدهارها بالفترة الممتدة ما بين الستينيات والسبعينيات.
سياسة ديغول تجاه الصين
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، تواجدت الصين بصف دول الحلفاء حيث واجهت الأخيرة الجيوش اليابانية التي توغلت بأراضيها منذ العام 1937. وبتلك الفترة، قاتل القوميون، بقيادة شانغ كاي تشيك (Chiang Kai-shek)، رفقة الشيوعيين، بقيادة ماو تسي تونغ، ضد اليابانيين. وفي الأثناء، اتجهت فرنسا، أثناء فترة حكومة الجنرال شارل ديغول، يوم 18 آب/أغسطس 1945 لإعادة عدد من الموانئ التجارية والمدن الحيوية، التي احتلتها في وقت سابق بالقرن التاسع عشر، لحكومة جمهورية الصين.
ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، استعرت الحرب الأهلية الصينية مجددا. وخلالها، تمكن الشيوعيون من طرد تشانغ كاي تشيك نحو تايوان. وبينما أعلن الشيوعيون يوم 1 تشرين الأول/أكتوبر 1949 نشأة جمهورية الصين الشعبية على أراضي الصين القارية، اتجه أنصار شانغ كاي تشيك لإعلان انتقال حكومة جمهورية الصين نحو تابوان. وبادئ الأمر، اتجهت فرنسا لرفض الاعتراف بجمهورية الصين الشعبية. وبحلول أواخر الخمسينيات، أعلن الرئيس الفرنسي شارل ديغول عن رغبة بلاده في اعتماد سياسة محايدة ومنفصلة عن تلك التي اعتمدها المعسكر الغربي، في خضم الحرب الباردة، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
عودة العلاقات بين باريس وبكين
وخلال خريف العام 1963، وفي خضم الخلاف الصيني السوفيتي، أرسلت فرنسا، بقيادة شارل ديغول، السياسي، ورئيس مجلس الوزراء السابق، إدغار فور (Edgar Faure) لبكين بهدف جمع معلومات حول الصين الشعبية وتهيئة الجو لفتح صفحة من العلاقات الثنائية بين البلدين. وعقب زيارة إدغار فور، اتجهت الحكومة الفرنسية يوم 27 يناير 1964 للاعتراف رسميا بجمهورية الصين الشعبية معلنة بذلك عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين كل باريس وبكين. إلى ذلك، رحبت السلطات الصينية ببكين بهذا القرار الفرنسي واتجهت لتثمينه مؤكدة على إمكانية ظهور علاقات دبلوماسية وشراكة اقتصادية وثقافية متينة بين البلدين.
وبالفترة التالية، أبرم الطرفان عددا من الاتفاقيات الصناعية والتجارية التي وافقت على إثرها فرنسا، مطلع السبعينيات، على منح الصينيين رادارات وطائرات مروحية. وخلال شهر أيلول/سبتمبر 1973، حل الرئيس الفرنسي جورج بومبيدو (Georges Pompidou) بالصين الشعبية ضمن زيارة رسمية التقى خلالها بكل من ماو تسي تونغ والوزير الأول الصيني تشوان لاي (Zhou Enlai) الذي درس بوقت سابق بفرنسا. ومقارنة بزيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون للصين الشعبية، اتجهت الصحف الصينية لنشر عدد كبير من الصور والمقالات حول زيارة الرئيس الفرنسي بومبيدو للبلاد. وفي خضم هذه الزيارة، ألقى تشوان لاي خطابا تحدث من خلاله عن أهمية العلاقات الصينية الفرنسية مؤكدا على بداية صفحة جديدة من تاريخ هذه العلاقات عقب زيارة الرئيس الفرنسي. فضلا عن ذلك، انتقد تشوان لاي السياسة السابقة التي اعتمدها الأميركيون تجاه بلاده مؤكدا على أهمية بناء علاقة قائمة على الإحترام المتبادل بين كل من بكين وباريس.