على مر التاريخ، أثرت الفيضانات بشكل كبير على حياة البشر، فإضافة لأعداد القتلى المرتفعة وانتشار الأمراض والمجاعة، تسببت هذه الكوارث الطبيعة في عمليات هجرة كبيرة داخل المناطق المتضررة، حيث اتجه المتضررون غالبا لمغادرة مناطق إقامتهم، بهدف البحث عن مكان آخر أكثر أمانا، ويحتوي على الغذاء، للاستقرار به.
فيضان 1887
منذ قرون، اتجه الفلاحون الصينيون عند ضفاف النهر الأصفر لتشييد عدد من الحواجز المائية للتحكم بمستويات المياه وتجنب إتلافها للمحاصيل في حال فيضان النهر. وخلال شهر أيلول/سبتمبر1887، شهدت الصين، أثناء فترة سلالة تشينغ (Qing)، هطول كميات هائلة من الأمطار. ويوم 28 أيلول/سبتمبر من العام نفسه، عجزت الحواجز المائية عند منطقة هوايونكو (Huayuankou)، بإقليم هنان (Henan)، عن صد المستويات العالية للمياه لتشهد بذلك المنطقة فيضانات مدمرة امتدت للعديد من المدن والقرى المجاورة. وحسب مصادر تلك الفترة، غمرت مياه الفيضانات ما قدره 130 ألف كلم مربع من الأراضي متسببة في تدمير المنازل وتخريب المحاصيل. وحسب التقديرات، أدى فيضان النهر الأصفر عام 1887 لمقتل ما بين 900 ألف ومليوني صيني وتشريد عدد هائل من السكان الذين نزحوا نحو مناطق أخرى.
فيضان 1931
ما بين شهري يونيو/حزيران وآب/أغسطس 1931، شهدت الصين كميات كبيرة من الأمطار أسفرت عن فيضان نهري يانغتسي وهواي (Yangtze–Huai). وبناء على تقارير تلك الفترة، أغرق الفيضان مدنا صينية كبرى كووهان ونانجينغ وامتد ليشمل المناطق المحاذية لهما. وقد بلغ هذا الفيضان ذروته يوم 25 آب/أغسطس 1931 عقب خرقه لسد كبير عند نهر غاويو (Gaoyou). بتقاريرها، أشارت جامعة نانجينغ لمقتل حوالي 150 ألفا غرقا. وفي الأثناء، أفادت تقارير أخرى بأن عدد القتلى الحقيقي قد يتجاوز المليونين ممن ماتوا إما غرقا أو بسبب المجاعة والأمراض التي حدثت جراء الفيضان. من جهة ثانية، قدمت تقارير أخرى عدد قتلى مرتفع وتحدثت عن سقوط 4 ملايين قتيل جراء هذه الكارثة.
فيضان 1938
خلال العام 1938، عاشت الصين، في خضم الحرب الصينية اليابانية الثانية، على وقع فيضانات مدمرة تسبب بها البشر. فأملا في خلق خط دفاعي ووقف زحف القوات اليابانية داخل أراضيه، أقدم الجيش الصيني الثوري، المعروف أيضا بجَيش الكومينتانغ، على هدم عدد من الحواجز المائية والسدود التي امتدت على طول النهر الأصفر. وبسبب ذلك، تضررت مقاطعات صينية عديدة من هذه الفيضانات. وقد مثلت مقاطعة هنان أبرز المناطق المتضررة. من جهة ثانية، واصل جَيش الكومينتانغ عملية هدم السدود لحدود العام 1947 حيث واصلت قواته هذه الممارسة لعرقلة تقدم القوات الشيوعية أثناء الحرب الأهلية الصينية التي استعرت مجددا عقب نهاية الحرب العالمية الثانية. أسفرت هذه الفيضانات عن خسائر جسيمة. فإضافة لتدميرها المحاصيل والمدن والعديد من مرافق البلاد، أدت فيضانات العام 1938 لتفشي المجاعة والأوبئة وأودت بحياة ما بين 400 و500 ألف صيني.
فيضان 1935
خلال شهر تموز/يوليو 1935، واجهت الصين، في خضم الحرب الأهلية، فيضان يانغتزي (Yangtze) الذي تسبب فيه فيضان نهر يانغتزي والنهر الأصفر. ومرة أخرى، مثلت هنان إحدى أبرز المناطق المتضررة. فعقب نزول كميات كبيرة من الأمطار، فاض هذان النهران لتغمر مياههما مناطق واسعة من مقاطعات هنان وهوبي (Hubei) وجيانغشي (Jiangxi) وآنهوي (Anhui). وحسب التقديرات، أدى هذا الفيضان لمقتل 145 ألف شخص كما تسبب في خسائر مادية فادحة قدرت بنحو 333 مليون دولار أي ما يعادل أكثر من 6 مليارات دولار بالفترة المعاصرة.
فيضان 1099
وبعيدا عن الصين، سجلت إنجلترا عام 1099 أسوأ فيضان بتاريخها. وعلى الرغم من وقوع فيضانات أخرى بالسابق، حظي فيضان العام 1099 باهتمام المؤرخين بسبب النصوص التاريخية التي تحدثت عنه وعن تأثيره على مصب نهر التيمز وعدد القتلى المرتفع. فعقب عاصفة شديدة، عاشت إنجلترا يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 1099 على وقع فيضان هائل أثر بشكل كبير على الإنجليز بتلك الفترة، حيث خرب الأخير المحاصيل وتسبب في هجرة عدد كبير من الأهالي الذين تضرروا جراءه. وحسب المؤرخين، تسبب هذا الفيضان في مقتل أكثر من 100 ألف شخص ممن عاشوا على سواحل بحر الشمال بكل من إنجلترا وهولندا.