بعدما شارك الجنود الأميركيون ذوو الأصول الإفريقية بالعديد من النزاعات العسكرية التي خاضتها الولايات المتحدة الأميركية، تعرضوا للتعنيف والتهميش والعنصرية عقب عودتهم من الحرب العالمية الثانية. وعلى الرغم من تواجدهم ضمن قوات الجيش، إلا أن السود حصلوا حينها على أدوار ثانوية، حيث لم يسمح لهم بالحصول على رتب عسكرية هامة، واضطروا بالغالب لتشكيل فرق مسلحة تكونت فقط من ذوي الأصول الإفريقية. ويعود السبب في ذلك لسياسة التمييز العنصري والقوانين العنصرية التي كانت سائدة بالولايات المتحدة الأميركية بتلك الفترة.
التمييز العنصري عقب نهاية الحرب
خلال الحرب العالمية الثانية، قاتل العديد من الأميركيين من ذوي الأصول الإفريقية بصفوف الجيش الأميركي. وبحسب التقديرات، تم تسجيل نحو 2.5 مليون أميركي ذي أصول إفريقية للتجنيد العسكري بحلول أواخر العام 1945. فضلا عن ذلك، شهدت فترة الحرب العالمية الثانية مشاركة 900 ألف منهم بمختلف فروع الجيش الأميركي، حيث تواجدت هذه الشريحة المكونة للنسيج الديمغرافي الأميركي بقوات جيش البر والقوات الجوية والبحرية وحرس الحدود وفرق الممرضين التابعة للجيش.
ولهذا تحوّل الجيش الأميركي لأهم مشغّل للسود الأميركيين بالولايات المتحدة الأميركية. كما حصل هؤلاء وفق القوانين الأميركية التي سنت عام 1944، على العديد من الامتيازات، كرفاقهم البيض، عقب مشاركتهم بالحرب العالمية الثانية. وتواجد ضمن هذه الامتيازات حق التعليم المجاني بالمدارس الأميركية. لكن مع عودتهم لوطنهم، اصطدم هؤلاء الجنود ذوو البشرة الداكنة بتواصل سياسة التمييز العنصري التي أجبرتهم غالبا على فقدان عدد هام من حقوقهم.
الأمر التنفيذي 9981
أمام هذا الوضع، شهدت الولايات المتحدة الأميركية، بالفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية، ظهور العديد من المنظمات الحقوقية المطالبة بإنهاء سياسة المييز العنصري بالبلاد والمساواة بين البيض والسود. في الأثناء، تزعم الناشطان الحقوقيان غرانت رينولد (Grant Reynolds) وفيليب راندولف (Philip Randolph) هذه الحركات التي قادت حملات دعائية ضد التمييز العنصري تزامنا مع تنظيمها احتجاجات ومظاهرات. وبأوجها، هددت هذه المنظمات بإجراء عمليات عصيان ضد تجنيد السود مطالبة بذلك بإنهاء التمييز العنصري صلب الجيش الأميركي ومنح السود حقوقهم الكاملة.
أمام تزايد الضغوطات التي مارستها هذه المنظمات الحقوقية وتزايد عمليات الاعتداء ضد الجنود ذوي الأصول الإفريقية العائدين من ساحات المعارك عقب الحرب العالمية الثانية، اتجه الرئيس الأميركي هاري ترومان للتحرك. وخلال العام 1946، أمر ترومان بإنشاء هيئة حقوق مدنية للنظر في مسألة التمييز العنصري. وبالعام التالي، أصدرت هذه الهيئة تقريرا طالبت من خلاله بإنشاء لجنة دائمة للسهر على تطبيق سياسة التوظيف العادل. كما دعت في الآن ذاته لسن قوانين اتحادية لمكافحة الإعدام خارج نطاق القانون ومكافحة الضرائب غير القانونية تزامنا مع توفير مزيد من الدعم لقسم الحقوق المدنية بوزارة العدل.
وبالفترة التالية، عرض هاري ترومان على الكونغرس الأميركي تقرير هيئة الحقوق المدنية ودعا النواب للتحرك. ومع رفض جميع مطالبه، اتجه هاري ترومان للقيام بعدد من الخطوات الأحادية. وقد جاءت أبرز هذه الخطوات يوم 26 تموز/يوليو 1948 عندما أصدر الأمر التنفيذي رقم 9981 الذي أمر من خلاله بإنهاء جميع ممارسات التمييز، حسب العرق والدين واللون والأصول، صلب الجيش الأميركي.