في خضم الحروب النابليونية، زحف نابليون بونابرت خلال شهر شباط/فبراير 1808 على إسبانيا وتمكن بفترة وجيزة من السيطرة على العاصمة مدريد التي كانت قد شهدت في وقت سابق تمردا على سلطته. إلى ذلك، أضرت الحملة النابليونية بصورة إسبانيا على الصعيد العالمي حيث فقدت الأخيرة المكانة التي اكتسبتها على مدار قرون كقوة عالمية استعمارية. وانطلاقا من ذلك، شهدت المستعمرات الإسبانية بأميركا اللاتينية تحركات احتجاجية سرعان ما تحولت لثورة عارمة طالبت بالاستقلال عن إسبانيا.
تأسيس غران كولومبيا
وفي خضم هذه التحركات الاستقلالية التي استمرت بالأساس ما بين عامي 1808 و1825 بالمستعمرات الإسبانية بأميركا اللاتينية، برز اسم القائد الفنزويلي سيمون بوليفار (Simón Bolívar) الذي حارب الإسبان على مدار عشرات السنين. وأثناء حرب الاستقلال تمكن بوليفار من طرد القوات الإسبانية وحلفائها من فنزويلا قبل أن يلاحقهم فيما بعد نحو مستعمرة غرناطة الجديدة عام 1819. ومع نجاحه في طرد الإسبان من المنطقة، عاد سيمون بوليفار ورفاقه نحو فنزويلا وأعلنوا عن تأسيس ما لقب حينها بغران كولومبيا (Gran Colombia) التي ضمت حينها قسما كبيرا من أراضي دول حالية كفنزويلا وكولومبيا والإكوادور وبنما والبيرو والترينيداد توباغو وغويانا ومناطق أخرى من الشمال الغربي للبرازيل.
وعلى غرار إسبانيا، رفضت القوى الأوروبية الأخرى كفرنسا والنمسا وروسيا الاعتراف بدولة غران كولومبيا، الملقبة أيضا بجمهورية كولومبيا، حيث عارضت هذه القوى الأوروبية فكرة الوحدة وطالبت بتعيين أمراء أوروبيين على رأس الدول التي شكلت غران كولومبيا.
انهيار غران كولومبيا
إلى ذلك، لم يستمر وجود غران كولومبيا طويلا حيث انهارت هذه الجمهورية بشكل سريع لأسباب عديدة. فبالإضافة للفساد السياسي والمالي، اتجه بوليفار لتعيين رفاقه على رأس المناطق التي حررها من قبضة الإسبان. وخلال فترة الحكم الإسباني، لم تكن هذه المناطق المحررة مرتبطة ببعضها بشكل كبير حيث أدارت مدريد شؤون مستعمراتها بشكل منفصل عن بعضها بعضا خالقة بذلك حالة من الاختلاف الاجتماعي بينها. مع توليه لزمام الأمور، عارض سيمون بوليفار بشكل قاطع فكرة إنشاء دولة فيدرالية شبيهة بالولايات المتحدة الأميركية واتجه في المقابل لعرض فكرة الدولة ذات الحكم المركزي. فحسب بوليفار، كان من الحتمي أن تنهار الدولة وتعيش على وقع حرب أهلية في حال اعتماد نظام فدرالي يمنح مقاطعات غران كولومبيا حكما شبه ذاتي.
مع تواصل الخلافات صلب الدولة حول الفيدرالية والمركزية، دعا بوليفار لاعتماد اتفاقية دستورية لتكريس نظريته وتنصيب نفسه رئيسا مدى الحياة حيث تحدث الأخير عن كونه الوحيد القادر على إنقاذ البلاد من التفكك. إلى ذلك، حظي مشروع سيمون بوليفار الدستوري بدعم ضئيل جدا حيث أيدت الأغلبية فكرة الفيدرالية. ومع اقتناعه بانهيار برنامجه، استقال سيمون بوليفار من منصبه بحلول شهر نيسان/أبريل 1830. وبعدها بأشهر قليلة، توفي الأخير عقب إصابته بمرض السل. وقبل وفاته، تابع بوليفار انهيار غران كولومبيا التي استقلت عنها كل من فنزويلا والإكوادور.
ننن