يوم 18 أيلول/سبتمبر 1931، تناقلت وسائل الإعلام العالمية وقائع حادثة موكدين (Mukden)، التي تمثلت في عملية تفجير لإحدى السكك الحديدية المملوكة لشركة سكك حديد جنوب منشوريا اليابانية. وعقب هذا التفجير الغامض، اتهمت اليابان المقاومة الصينية بالوقوف وراء الحادثة، لتبدأ على إثر ذلك عملية اجتياحها لمنشوريا الصينية، التي أسست عليها فيما بعد دولة عميلة سميت بمانشوكو (Manchukuo). كما أثار الاجتياح الياباني لمنشوريا الصينية قلق عدد من القوى العظمى. وبسبب ذلك، تشكلت لجنة تحقيق دولية، عرفت بلجنة ليتون (Lytton)، لتحديد أسباب حادثة موكدين وكشف حقيقة ما حصل يوم 18 أيلول/سبتمبر 1931.
ظهور لجنة ليتون
عقب ظهورها وتحديد مهامها، تكونت لجنة ليتون من السياسي البريطاني اللورد فيكتور بولوير ليتون (Victor Bulwer-Lytton)، الذي قاد المهمة، والجنرال الأميركي فرانك روس ماكوي (Frank Ross McCoy) والمحامي الألماني هنريش شني (Heinrich Schnee) والدبلوماسي الإيطالي لويجي ألدروفاندي مارسكوتي (Luigi Aldrovandi Marescotti) والجنرال الفرنسي هنري كلوديل (Henri Claudel). ومع حلولهم بمنشوريا بربيع العام 1932، قضى أفراد لجنة ليتون 6 أسابيع بالمنطقة وأجروا لقاءات عديدة مع مسؤولين بحكومتي اليابان وجمهورية الصين. ومن خلال ذلك، سعت هذه اللجنة لحل الخلاف بين اليابانيين والصينيين، أملا في إعادة الأمن والسلام لشرق آسيا.
انسحاب اليابان من عصبة الأمم
إلى أن قدمت بحلول شهر تشرين الأول/أكتوبر 1932، لجنة ليتون استنتاجاتها حول ما حصل بمنشوريا وحادثة موكدين. وبتقريرها، تحدثت اللجنة عن الوضع بمنشوريا قبل بداية الغزو الياباني كما تطرقت في الآن ذاته لأهمية هذه المنطقة، اقتصاديا، لكل من الصين واليابان. أيضا، وصف تقرير ليتون مطامع الاتحاد السوفيتي بمنشوريا الواقعة بالقرب من حدوده الشرقية. من جهة أخرى، حصل أفراد لجنة ليتون على شهادات عدد من السكان الصينيين الذين تواجدوا قرب موقع حادثة موكدين يوم 18 أيلول/سبتمبر 1931.
وبقسم آخر منه، تطرق هذا التقرير لقيام اليابان بغزو منشوريا بسبب حادثة موكدين كما تحدث في الآن ذاته على التدخل العسكري الياباني السريع بمنشوريا التي سرعان ما تحولت لدولة مانشوكو. أيضا، أكد تقرير لجنة ليتون أن وجود دولة مانشوكو على الخارطة مرتبط فقط بتواجد القوات اليابانية على أراضيها. وبخلاصته، وصف تقرير ليتون اليابان بالدولة المعتدية واتهمها بغزو منشوريا، من دون أي حق، وطالبها في الآن ذاته بإعادة هذه المنطقة للسلطة الصينية. من جهة ثانية، حث التقرير جميع الدول الأخرى على عدم الاعتراف بدولة مانشوكو وتصنيف منشوريا كجزء من الصين.
يشار إلى أنه ويوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 1932، نشر تقرير لجنة ليتون قبل أن يطرح فيما بعد أمام لجنة عصبة الأمم. وأثناء الاجتماع الذي عقد خلال شهر شباط/فبراير 1933، دانت عصبة الأمم، استنادا على التقرير، اليابان واتهمتها بالتعدي على سيادة الصين. وفي الأثناء، أثار هذا القرار غضب اليابان التي لم تتردد في إعلان انسحابها من منظمة عصبة الأمم يوم 27 آذار/مارس 1933.
نن