عقب إنزال نورماندي (Normandy) يوم 6 يونيو 1944 والنجاح في تحرير قسم كبير من الأراضي الفرنسية وبلجيكا، اقتربت قوات الحلفاء في ديسمبر 1944 من خط سيغريد (Siegfried) واستعدت لدخول الأراضي الألمانية. وأمام هذا الوضع، وضع أدولف هتلر وجنرالاته خطة لشن هجوم مضاد على قوات الحلفاء. ولإنجاحه، استوجب على الألمان أن يسيطروا على الجسور المطلة على نهر الموز (Meuse). غير أنه بسبب استحالة هذه المهمة، قرروا الاعتماد على خدعة لخلق حالة من التوتر والذعر بصفوف الأميركيين تزامناً مع بدء الهجوم المضاد.
الاستعدادات
وضمن عملية غريف (Greif)، كلف القائد بفرق الفافن أس أس (Waffen SS) أوتو سكورزيني (Otto Skorzeny) بمهمة تكوين فرقة ألمانية من العسكريين القادرين على استخدام اللغة الإنجليزية بشكل جيد. فيما ستزود هذه الفرقة ببدلات عسكرية ودبابات وأسلحة شبيهة بتلك التي امتلكها الأميركيون. ولاحقاً، كان من المقرر أن ترسل هذه الفرقة الألمانية داخل الخطوط الأميركية لتقوم بعمليات تخريبية بصفوف الأميركيين عن طريق قطع خطوط الإمداد والاتصالات وتدمير عدد من الجسور الخلفية وتغيير أسماء الطرقات بهدف خلق حالة من الارتباك بين الأميركيين.
ولإنجاح هذه العملية، اتجه الألمان، على مدار أيام، لجمع القطع العسكرية الأميركية التي كانت قد وقعت بحوزتهم خلال المعارك السابقة. وبسبب قلة هذا النوع من المعدات، لجأوا لإدخال تحويرات على بعض من دباباتهم وعرباتهم المخصصة لنقل الجنود لجعلها شبيهة نوعاً ما بتلك التي امتلكها الجيش الأميركي. كما أنه بسبب قلة عدد القادرين على النطق باللغة الإنجليزية في صفوف الجيش الألماني، حصل الجنود الألمان الذين اختيروا لإنجاز المهمة على دروس سريعة لتعلم أساسيات الإنجليزية. كذلك أجروا زيارات لمعسكرات الاعتقال الألمانية التي تواجد بها أسرى أميركيون للتدرب على ممارسة اللغة الإنجليزية عن طريق إجراء حوارات مع الأسرى.
فشل العملية
مع بداية العملية، زود الجنود الألمان المكلفون بمهمة التنقل خلف خطوط العدو بسجائر ودولارات أميركية بهدف تقديمها كرشاوي للبلجيكيين والجنود الأميركيين للحصول على معلومات. ومع بلوغهم لهدفهم، باشر هؤلاء الجنود المتنكرون بقطع خطوط الاتصالات وتغيير لوحات أسماء الأنهج. كما عمدوا في الآن ذاته لتغيير مواقع اللوحات التحذيرية المخصصة لحقول الألغام متسببين بذلك في حالة من الارتباك بصفوف الأميركيين.
وبسبب عدم إتقان أغلبية الجنود الألمان للغة الإنجليزية وفشلهم في التنكر بشكل جيد، تمكن الأميركيون من التعرف على العديد منهم وإعدامهم. ثم اتجهوا لإعداد خطة لكشف المندسين بصفوفهم. فحال القبض على أحد المشتبه بهم، يتعرض الأخير لمجموعة من الأسئلة حول نجوم السينما وفرق البيسبول واللاعبين الأميركيين. أما في حال فشله بالإجابة عن هذه الأسئلة، يعتقل المشتبه به ليمثل أمام لجنة تحقيق ثانية. وبشكل غريب، اعتقل الجنرال الأميركي بروس كلارك (Bruce C. Clarke) من قبل رفاقه أثناء مروره بأحد الحواجز الأميركية عقب فشله في الإجابة عن أسئلة حول فريق شيكاغو كابز للبيسبول. وعلى الرغم من فشلها، فإن هذه العملية أثارت حالة من القلق والارتباك بصفوف الأميركيين. وفي الأشهر التالية، تزايدت مخاوفهم عقب ظهور إشاعات حول تواجد أوتو سكورزيني بباريس لاغتيال الجنرال الأميركي أيزنهاور.