على إثر حادثة جسر ماركو بولو (Marco Polo) ما بين يومي 7 و9 يوليو/تموز 1937، أطلقت اليابان العنان لعملية غزو واسعة للأراضي الصينية، معلنةً بذلك بداية الحرب اليابانية الصينية الثانية. وقد استمرت هذه الحرب لما يزيد عن 8 سنوات، وانتهت بنهاية الحرب العالمية الثانية، متسببةً في مقتل ما يقارب 20 مليون صيني. إلى ذلك، لعبت المجاعات دوراً هاماً في ارتفاع عدد الضحايا الصينيين. فأثناء الحرب، عاشت الصين على وقع نقص فادح بالمواد الغذائية بسبب الصراع القائم بالبلاد. وتصنف مجاعة إقليم خنان (Henan) كواحدة من أسوأ المجاعات التي عرفتها هذه الحرب، حيث أسفرت الأخيرة ما بين عامي 1942 و1943 عن وفاة مئات آلاف الصينيين.
أسباب المجاعة
وقبل أحداث العام 1942، عاش هذه الإقليم الصيني على وقع مجاعة أخرى عام 1938. فلمنع تقدم القوات اليابانية داخل الأراضي الصينية، لم يتردد القوميون سنة 1938 في تدمير عدد من السدود متسببين في فيضان النهر الأصفر. وبتلك الفترة، غمرت مياه الفيضان قسماً كبيراً من شرق ووسط خنان وأفسدت المحاصيل الزراعية متسببة في تفشي المجاعة والأمراض. وبفيضان العام 1938، توفي ما لا يقل عن 400 ألف صيني بسبب هذه الكارثة.
وخلال ربيع وصيف 1942، واجه إقليم خنان الصيني شحاً كبيراً في كمية الأمطار. فضلاً عن ذلك، هاجمت أسراب الجراد الحقول والمزارع مفسدةً في طريقها كميات هائلة من المحاصيل ومتسببةً في تراجع حاد بكمية الغذاء بالمنطقة. من جهة أخرى، مارس القوميون الصينيون والمسؤولون اليابانيون سياسة عمدوا من خلالها لمصادرة المحاصيل لإطعام قواتهم دون الاكتراث للمدنيين. وبسبب كل هذه العوامل، تفشت المجاعة بإقليم خنان. وأملاً في النجاة، لجأت نسبة من سكان هذا الإقليم الصيني لأكل جثث المتوفين. فضلاً عن ذلك، لم يتردد الآباء في بيع أطفالهم مقابل الحصول على بعض النقود أو الطعام.
إلى يومنا الحاضر لا يزال عدد ضحايا مجاعة إقليم خنان ما بين عامي 1942 و1943 غير محدد بدقة. وفي الأثناء، رجحت أغلب المصادر المعاصرة وفاة ما بين 700 ألف ومليون صيني بسبب نقص الغذاء بتلك الفترة. من جهة ثانية، أسفرت المجاعة عن تراجع حاد في عدد سكان الإقليم. فإضافةً لعدد الوفيات المرتفع، انخفضت نسبة الولادات تزامناً مع ظهور حركة هجرة داخلية هائلة عمدت خلالها نسبة كبيرة من الصينيين لمغادرة خنان باتجاه الأقاليم المجاورة بحثاً عن الغذاء.
وأثناء المجاعة، تبادل القوميون الصينيون والسلطات المحلية بخنان الاتهامات حول أسباب الكارثة. فبينما تحدث القوميون عن فساد المسؤولين المحليين، استنكر مسؤولو خنان سياسة مصادرة الغذاء من قبل القوميين واتهموهم بتأجيج المجاعة. ولأسباب دعائية، عمد الشيوعيون، بقيادة ماو تسي تونغ، لتخفيف سياسة مصادرة الغذاء أملاً في إظهار جانب إنساني لديهم. وبفضل ذلك، شهد إقليم خنان ارتفاعاً كبيراً في عدد المؤيدين لماو تسي تونغ.
ننن