مع نهاية الحرب العالمية الثانية، شهد العالم بداية الحرب الباردة التي وضعت المعسكر الشرقي، بقيادة الاتحاد السوفيتي، في مواجهة المعسكر الغربي الذي تزعمته الولايات المتحدة الأميركية. وإضافة لسباق التسلح والتقدم العلمي والتكنولوجي، شهدت الحرب الباردة سباقا نحو الفضاء بين كل من الأميركيين والسوفييت. وقد اندلع هذا السباق نحو الفضاء أواخر شهر يوليو 1955 عقب إعلان الولايات المتحدة الأميركية استعدادها لإرسال أقمار صناعية نحو الفضاء. وبعد أيام قليلة، ردت موسكو معلنة أنها ستباشر بدورها بإرسال أقمار صناعية نحو الفضاء في القريب العاجل.
السباق نحو الفضاء
وفي خضم السباق نحو الفضاء، حقق الاتحاد السوفيتي، في البداية، تفوقا كبيرا عقب نجاحه عام 1957 في إرسال أول قمر صناعي، سبوتنيك 1 (Sputnik 1)، نحو الفضاء. وعام 1961، انطلق رائد الفضاء السوفيتي يوري جاجارين (Yuri Gagarin) نحو الفضاء على متن المركبة فوستوك 1 (Vostok 1) ليصنف بذلك كأول إنسان يسافر نحو الفضاء. ووسط غياب أميركي، حقق الاتحاد السوفيتي خلال السنوات التالية العديد من الإنجازات التي أغضبت المسؤولين الأميركيين.
وخلال العام 1961، أجج الرئيس الأميركي جون كينيدي السباق نحو الفضاء حيث طالب الأخير الكونغرس الأميركي بدعم مشروع إرسال أول إنسان نحو القمر. وعام 1969، تمكنت الولايات المتحدة الأميركية من تحقيق هذا الهدف بفضل مهمة أبولو 11 (Apollo 11) التي قادت أول إنسان للنزول على سطح القمر. إلى ذلك، شهد السباق نحو الفضاء ظهور العديد من الأفكار الغريبة. فبعد عام واحد من تصريحات كينيدي، أعلن الاتحاد السوفيتي عام 1962 عن استعداده لإطلاق مشروع عملاق يهدف لإنشاء مستوطنات بشرية على سطح القمر.
فشل مشروع المستوطنة
أطلق السوفييت عدة أسماء على المستوطنة التي اتجهوا لإنشائها بالقمر. وقد تراوحت هذه الأسماء بين زفيزدا (Zvezda)، أي النجم، وكولومبوس (Columbus) وبرمينغراد (Barmingrad)، أي مدينة برمين، نسبة لمدير البرنامج فلاديمير برمين (Vladimir Barmin). وحسب الخطة المقترحة، اتجه الاتحاد السوفيتي بمرحلة أولى لإرسال عدد من الآليات لدراسة مناخ القمر وتربته. وبالمرحلة الثانية، ستقوم المركبات الفضائية بنقل المجسمات والوحدات التي ستستخدم في بناء المستوطنة بالمكان المناسب على سطح القمر. من جهة ثانية، حددت التصاميم وزن الوحدة الواحدة، من الوحدات التي ستستخدم في تشييد المستوطنة، بحوالي 18 طنا. كما قدّر قطرها بنحو 3.3 متر وطولها بما يقارب 4.5 متر. وبالفترة التالية، أقدم الخبراء السوفييت على بناء أولى هذه الوحدات ونجحوا في تجربتها في حدود العام 1967.
وحسب التصميم السوفيتي، ستتكون المستوطنة من حوالي 9 وحدات. وتتضمن هذه المستوطنة مخبرا وغرف نوم وورشة عمل ومركزا طبيا وقاعة رياضة وبهوا كبيرا إضافة لمطبخ. فضلا عن ذلك، كان من المقرر أن تستضيف المستوطنة السوفيتية على سطح القمر 12 شخصا. ولتوفير الطاقة الكافية لهذه المستوطنة، تحدث السوفييت عن إنشاء مفعل نووي بالقرب منها. خلال السنوات التالية، تلاشت أحلام السوفييت بإنشاء هذه المستوطنة. فمع مرور الوقت، تخلت موسكو عن هذه الفكرة المكلفة مؤكدة على عدم استعدادها لإنفاق حوالي 50 مليار روبل على مثل هذه المشاريع.