عقب هجوم بيرل هاربر يوم 7 كانون الأول/ديسمبر 1941 الذي أسفر عن مقتل نحو ألفي جندي أميركي وتدمير العديد من القطع البحرية الأميركية، اتجهت اليابان لمهاجمة المستعمرة الأميركية بالفلبين التي كانت الولايات المتحدة الأميركية قد حصلت عليها عقب حرب 1898 ضد إسبانيا. وقد ظلت الفلبين في قبضة اليابانيين لحدود الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. وخلال التدخل العسكري الأميركي لاسترجاع الفلبين، شهدت معركة مانيلا، ما بين شهري شباط/فبراير وآذار/مارس 1945، واحدة من أكبر المذابح بالحرب العالمية الثانية حيث عمد اليابانيون لاستهداف المدنيين الفلبينيين متسببين في سقوط عدد هائل من الضحايا.
معركة مانيلا
قبل بداية معركة مانيلا يوم 3 شباط/فبراير 1945، تحدث الجنرال الياباني تومويوكي ياماشيتا (Tomoyuki Yamashita) عن عدم قدرة قواته على الدفاع عن العاصمة الفلبينية. وأمام هذا الوضع، أمر ياماشيتا جميع القوات اليابانية بمغادرة مانيلا قبل وصول الأميركيين. إلى ذلك، تجاهل نحو 10 آلاف جندي ينتمون لسلاح البحرية اليابانية، تحت قيادة الأميرال سانجي إيوابوشي (Sanji Iwabuchi)، أوامر ياماشيتا واتجهوا للبقاء بمانيلا لمواجهة الأميركيين. وقد أضيف لهؤلاء الجنود المنتمين لسلاح البحرية اليابانية نحو 4 آلاف عسكري تابعين لجيش البر ممن وجدوا أنفسهم محاصرين داخل مانيلا، بسبب تطويقها من قبل الأميركيين.
خلال شهر شباط/فبراير 1945، اتجهت القوات الأميركية للتقدم داخل مانيلا من محاور مختلفة. وأثناء حملتها على العاصمة الفلبينية، خاضت القوات الأميركية معارك شوارع ضارية اضطرت خلالها لاستخدام أسلحة مختلفة مثل قاذف اللهب الذي اعتمد أساسا لإجبار الجنود اليابانيين على الخروج من مخابئهم. أمام ارتفاع خسائرهم بمعركة مانيلا، صب الجنود اليابانيون جام غضبهم على المدنيين الفلبينيين. وبسبب ذلك، شهدت المدينة إعدامات جماعية داخل المستشفيات والمدارس. فضلا عن ذلك، لم يتردد الجنود اليابانيون في ارتكاب آلاف عمليات الاغتصاب بحق النساء والأطفال.
100 ألف قتيل
وبشمال مانيلا، تحدث اليابانيون عن وجود ميليشيات فلبينية مسلحة مؤيدة للأميركيين. ومتخذين من هذا الأمر ذريعة، أعدم اليابانيون ما يزيد عن 50 ألف مواطن فلبيني. وقد تواجد ضمن هؤلاء القتلى عدد كبير من الأطفال والنساء. وحسب شهادات عدد من الفلبينيين، لم يتردد الجنود اليابانيون في إعدام النساء الحوامل بطريقة اقتصرت على شق بطونهم واستخراج أطفالهم.
من جهة ثانية، حوّل اليابانيون نزل بايفيو (Bayview Hotel) لمركز اغتصاب حيث اقتيد عدد كبير من النساء الفلبينيات نحو هذا المكان حيث تعرضن للاغتصاب. وبناء على عدد من الشهادات التي اعتمدت لاحقا في محاكمة الجنرال ياماشيتا، قدر عدد الفلبينيات اللوات أجبرن على الذهاب لهذا النزل بأكثر من 400 امرأة وفتاة.
مقتل 100 ألف فلبيني
خلال معركة مانيلا التي استمرت ما بين يومي 3 شباط/فبراير و3 آذار/مارس 1945، قتل ما لا يقل عن 100 ألف مدني فلبيني سقط جلهم بسبب المذابح التي ارتكبتها القوات اليابانية. من جهة ثانية، رجح عدد من المؤرخين سقوط عدد أكبر من القتلى وتحدثوا عن أن العدد الحقيقي لضحايا مذابح مانيلا قد يتراوح بين 100 و500 ألف فلبيني.
يوم 26 شباط/فبراير 1945، أقدم الأميرال الياباني سانجي إيوابوشي على الانتحار عن طريق إطلاق النار على نفسه تزامنا مع اقتناعه بحتمية هزيمته. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، مثل الجنرال ياماشيتا أمام المحكمة واتهم بارتكاب جرائم حرب بالفلبين، وبقضية مانيلا واجه الأخير تهمة بعدم تحريك أي ساكن لوقف المذابح بالمدينة. وبسبب ذلك، صدر في حق ياماشيتا حكم بالإعدام شنقا تم تنفيذه يوم 23 شباط/فبراير 1946 بمعتقل جنوب مانيلا.