منذ بداية فترته الرئاسية، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن، البالغ 81 عاماً، في العديد من الأخطاء التي أثارت استغراب الصحافيين والمحيطين به. كان آخرها منذ بضعة أيام عندما وصف الرئيس المصري برئيس المكسيك. وأمام هذا الوضع، سلط عدد من الأطباء الضوء على عمر بايدن وهفواته ودعوه لإجراء اختبار الخرف، للتأكد من سلامته وقدرته على مواصلة مهامه. إلى ذلك، تعيد هفوات وزلات بايدن للأذهان الفترة الرئاسية للرئيس الفرنسي بول ديشانيل (Paul Deschanel). فمع استلامه مقاليد الحكم بفرنسا عام 1920، ارتكب هفوات عديدة جعلت منه محل نقاش لدى الصحافيين ومعارضيه وأجبرته على مغادرة منصبه بشكل مبكر.
تصرفات غريبة
خلال الانتخابات الرئاسية التي أجريت في ينار 1920، حقق ديشانيل انتصاراً ساحقاً على منافسيه وفاز برئاسة فرنسا. ويوم 18 فبراير من العام نفسه، استلم منصبه خلفاً للرئيس ريمون بوانكريه (Raymond Poincaré) المنتهية ولايته. وبداية من أبريل 1920، أي بعد مضي شهرين فقط عن استلامه منصبه، أظهر ديشانيل اضطرابات نفسية تراوحت بين الاكتئاب الشديد والقلق ونوبات الهلع. فيما أثارت حالته المرضية قلق المحيطين به الذين تخوفوا من مدى قدرته على مواصلة مهامه على رأس البلاد.
فخلال زيارة قام بها لمدينة نيس ما بين يومي 5 و6 أبريل 1920، ألقى ديشانيل خطاباً حماسياً لأهالي المدينة الذين صفقوا له بحفاوة. ووسط هذه الأجواء، نسي تغيير الصفحة بورقات الخطاب الموجود أمامه ليقوم بدون قصد، ودون أن يتفطن لذلك، بإعادة إلقاء الخطاب نفسه مثيراً بذلك استغراب الحاضرين.
ولاحقاً، عمدت الجماهير لإلقاء الورود عليه. وبلقطة غريبة، جمع ديشانيل هذه الورود وأعاد إلقائها على الجماهير مثيراً بذلك استغراب الحاضرين. من جهة ثانية، تميّز ديشانيل بتقلبات مزاجه السريعة حيث كان قادراً على التحول بشكل سريع من الضحك للبكاء والغضب. وبسبب ذلك، تساءل كثيرون عن مدى قدرته على حضور المؤتمرات وتسييرها بشكل جيد. ولتفسير حالة ديشانيل، تحدث الأطباء الفرنسيون عن معاناته من حالة احتراق نفسي مهني بسبب الضغوطات. فأثناء فترة ترؤسه لمجلس النواب الفرنسي بالسنوات السابقة، عارض ديشانيل بشدة ما جاء باتفاقية استسلام ألمانيا ووصف بنودها بالمتساهلة مع الألمان. ومع تمرير بنود هذه المعاهدة، أصيب بحالة غضب واكتئاب شديدة.
حادثة القطار
يوم 23 مايو 1920، استقل ديشانيل القطار لزيارة منطقة مونتبريسون (Montbrison) لحضور حفل تدشين نصب تذكاري للنائب والطيار الفرنسي إيميل ريموند (Émile Reymond) الذي توفي عام 1914. وفي حدود الساعة الحادية عشرة و45 دقيقة ليلاً، أحس ديشانيل بصداع وضيق تنفس فاتجه إثر ذلك لفتح نافذة عربته. ودون قصد، وقع من النافذة وهوى خارج عربة القطار الذي واصل طريقه من دون أن يتفطن أي من المسؤولين لسقوطه. ولحسن حظه، كان القطار يسير بسرعة ضعيفة لم تتخط 50 كلم بالساعة. وبسبب ذلك، تعرض لكدمات وجروح بسيطة لم تشكل أي خطر يذكر على حياته.
وقرب منطقة مينيوريت (Mignerette) التي سقط بها، التقى ديشانيل بأحد عمال الحضائر المعتمدين لدى مؤسسة السكك الحديدية الفرنسية. في البداية، تفاجأ العامل عند رؤيته حيث وجد هذا المواطن الفرنسي نفسه أمام رجل يرتدي ثياب نوم وملطخا بالدم ويصرخ مؤكداً أنه رئيس البلاد. لاحقاً، نقل العامل ديشانيل نحو أحد المنازل ووفر له العناية الصحية اللازمة قبل أن يتجه لإبلاغ الشرطة عن الحادثة. وصباح يوم 24 مايو 1920، بلغ قطار الرئيس مدينة رووان (Roanne). وهنالك، تفطن الجميع لغياب ديشانيل لتعيش بذلك المدينة على وقع حالة من التخبط والذعر. ومع وصول أخبار العثور على الرئيس، تنفس الجميع الصعداء وعاد الهدوء للمدينة.
في الفترة التالية، استغلت الصحافة الفرنسية هذه الحادثة لتنشر أخباراً غريبة عن ديشانيل حيث اتهم بالسباحة مع البط بالإليزيه واستقبال وزير بريطاني عارياً ومحاولة تقليد توقيع نابليون بونابرت بالوثائق الرسمية. ومع تزايد هذه الإشاعات، بات ديشانيل حديثا بالبلاد. ويوم 21 سبتمبر 1920، أي بعد نحو 7 أشهر من استلامه لمنصبه، قدم استقالته رسمياً من رئاسة فرنسا ليخلفه بالمنصب وزيره السابق ألكسندر ميلران (Alexandre Millerand).