خلال الحرب العالمية الثانية، وضع الألمان خطة لدفع الاقتصاد البريطاني للانهيار. وبموجب هذه الخطة، اتجه الألمان لطبع أعداد كبيرة من الأوراق النقدية المزيفة استعدادا لضخها بالسوق البريطانية. وقبل أدولف هتلر، وضع الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت خطة مشابهة لتدمير الاقتصاد الروسي. فأثناء حملته العسكرية على الإمبراطورية الروسية عام 1812، اتجه نابليون لنقل كميات كبيرة من النقود المزيفة نحو الأراضي الروسية بهدف ضخها بالسوق.
تزوير النقود الروسية
وقبل روسيا، اتجه نابليون بونابرت للاعتماد على تزوير العملات أملا في تخريب اقتصادات الدول المعادية. فبالسنوات التي سبقت اجتياحه لروسيا، أمر نابليون بونابرت بسك عملات معدنية شبيهة بتلك المعتمدة ببروسيا كما اتجه في الآن ذاته لطبع أوراق نقدية بريطانية ونمساوية استعدادا لضخها بأسواق هذه الدول. ووفقا للمصادر الفرنسية، باشرت إحدى المطابع الباريسية، المملوكة لأحد المقربين من نابليون بونابرت، بطباعة الأوراق النقدية الروسية المزيفة قبل فترة وجيزة من بداية الاجتياح الفرنسي للأراضي الروسية خلال شهر حزيران/يونيو 1812. وعقب الانتهاء من طباعتها، ألقيت هذه النقود الروسية المزيفة على أرضية متسخة لتداس بالأقدام بهدف جعلها شبيهة بالأوراق النقدية الحقيقية.
من ناحية ثانية، نقل الفرنسيون في فترة ما عملية طبع الأوراق النقدية المزيفة نحو كل وارسو، ببولندا، وفيلينوس (Vilnius) بهدف جعل عمليات الطباعة أقرب للأراضي الروسية وتسهيل نقلها أثناء الغزو. وحسب مصادر تلك الفترة، نقلت بعض العربات، التي رافقت الجيش النابليوني، هذه النقود المزيفة داخل الأراضي الروسية أثناء فترة الاجتياح. وقد استغل الفرنسيين حينها هذه النقود المزيفة لشراء عدد من المنتوجات، كالطعام، من الروس. إلى ذلك، تمكن عدد من الروس من تمييز هذه النقود المزيفة والتعرف عليها. فمن ناحية الجودة، كانت النقود المزيفة أفضل بكثير من النقود الأصلية حيث كان الورق المستخدم لطباعتها ذا جودة عالية كما استخدمت آلات حديثة لكتابة الملاحظات عليها. وبفضل ذلك، كانت النقود المزيفة متجانسة بشكل أكبر من النقود الروسية الأصلية.
خطة لإنقاذ الاقتصاد والقضاء على العملة المزيفة
وفي الأثناء، تلقى الجنود الفرنسيون على الجبهة رواتبهم بهذه العملات المزيفة التي اتجهوا لمقايضتها مع الروس مقابل العملات الفضية. من جهة ثانية، رفض أغلب الروس التعامل بهذه الأوراق النقدية مع الفرنسيين وطالبوا في المقابل بالحصول على العملات النحاسية والفضية بسبب تقلبات السوق الروسية وانهيار الروبل الورقي بأكثر من مناسبة بالسابق. أثناء انسحابه من روسيا، أمر نابليون بونابرت بحرق الأوراق النقدية الروسية المزيفة التي لم تستخدم بعد. وخلال السنوات التي تلت نهاية الحرب، أحصى الروس ما يزيد عن 5.5 مليون روبل مزيف بالأسواق. وبالتزامن مع ذلك، قبلت البنوك الروسية هذه النقود المزيفة واتجهت للتعامل بها إلى جانب الأوراق النقدية الحقيقية.
إلى ذلك، تواصل سعر صرف الروبل الورقي في الانخفاض عقب نهاية الحرب. وأمام هذا الوضع، اقترح وزير المالية الروسي ديمتري غورييف (Dmitry Guryev) خطة لتبادل الأوراق النقدية وإنشاء هيئة مكلفة بطباعة الروبل. وبموجب مرسوم إمبراطوري صادر عن القيصر ألكسندر الأول عام 1818، ظهر بروسيا مكتب حكومي لطباعة الأوراق النقدية كلف بمهمة انتاج أوراق نقدية موحدة، من حيث الخصائص والورق المستخدم، لجميع أراضي الإمبراطورية الروسية.
نننن