أعادت التصريحات التي قيل عنها "غريبة" وأدلى بها نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف حول إمكانية اندلاع حرب لاسترجاع "منطقة ألاسكا"، المصنفة كولاية أميركية منذ العام 1959، جدلاً قديماً عمره مئات السنين. فتاريخ حصول الأميركيين على ألاسكا يعود بشكل رسمي للعام 1867، وكان مقابل مبلغ مالي زهيد، مقارنة بأهميتها، حين وافقت حينها الإمبراطورية الروسية على بيع أراضي تلك المنطقة للأميركيين.
أسباب بيع ألاسكا
في آذار/مارس 1867، اتجهت الإمبراطورية الروسية لفتح قنوات اتصال مع الولايات المتحدة الأميركية، التي خرجت لتوها من حرب أهلية أودت بحياة نحو 600 ألف شخص، بهدف التخلص من أراضي ألاسكا الواقعة بالشمال الغربي للقارة الأميركية، ولها بهذا أسباب عدة.
لوحة تجسد عملية توقيع اتفاقية شراء ألاسكا
فعقب حرب القرم التي استمرت ما بين عامي 1853 و1856 وانتهت بهزيمة الروس، أحصت سانت بطرسبرغ العاصمة الروسية حينها، أكثر من 300 ألف قتيل في صفوفها وهو الرقم الذي مثّل نسبة مرتفعة من إجمالي جنودها.
وعلى الرغم من إبرام سلام باريس عام 1856، تخوفت روسيا من إمكانية تعرضها لهجوم بريطاني مباغت بألاسكا. وأعلن المسؤولون العسكريون الروس بتلك الفترة عن عدم قدرتهم على الدفاع عن ألاسكا بسبب موقعها الجغرافي الواقع بأقصى شرق البلاد.
صورة للصك المالي الذي استخدم في شراء ألاسكا
من جهة أخرى، امتلكت بريطانيا أقوى أسطول بحري بالعالم وهيمنت على البحار منذ معركة طرف الغار التي تعرض خلالها الفرنسيون لهزيمة ساحقة عام 1805.
وبتلك الفترة، أشرف وزير الخارجية الأميركي وليام هنري سيوارد (William Henry Seward)، أثناء فترة الرئيس أندرو جونسون (Andrew Johnson)، على مفاوضات شراء ألاسكا، المقدرة مساحتها بنحو 1.8 مليون كيلومتر مربع، التي جمعته بالسفير الروسي بواشنطن إدوارد ستوكل (Eduard de Stoeckl)، مقابل مبلغ سخي قد يعرض من طرف الأميركيين.
صورة لديمتري ميدفيديف
مبلغ زهيد مقارنة بقيمتها
إلا أن هذا لم يحدث، ففي واشنطن يوم 30 آذار/مارس 1867، وقعت روسيا على اتفاقية بيع ألاسكا للأميركيين مقابل مبلغ قدّر بنحو 7.2 مليون دولار، أي ما يعادل 125 مليون دولار بالفترة المعاصرة.
صورة لوزير الخارجية الأميركي وليام سيوارد
وبعد نحو شهر ونصف، وافق الكونغرس الأميركي يوم 15 أيار/مايو من العام نفسه على اتفاقية شراء ألاسكا التي دخلت حيز التنفيذ بحلول يوم 18 تشرين الأول/أكتوبر 1867.
صورة للرئيس أندرو جونسون
إلى ذلك، عبّر الشارع الأميركي عن غضبه من هذه الصفقة التي وصفوها بالمخزية والمهينة. وبحلول أواخر القرن التاسع عشر، تراجعت حدة رفض الأميركيين لصفقة شراء ألاسكا تزامنا مع اكتشاف كميات هامة من الذهب بهذه المنطقة.
وبطريقة مشابهة لما حصل بكاليفورنيا سابقا، عاشت ألاسكا حينها على وقع ما وصف بحمى الذهب حيث أقبل عدد كبير من الأميركيين نحو هذه المنطقة الباردة أملا في العثور على الكنز الثمين.