خلال فترة الحرب العالمية الثانية، كثّف الاتحاد السوفيتي جهوده لمراقبة أفراد الجيش الأحمر، حيث تخوّف ستالين في خضم هذا النزاع من تواجد جواسيس وعملاء ألمان في صفوف قواته. واعتمادا على منظمات استخباراتية كسميرش (SMERSH)، اتجه الاتحاد السوفيتي لاعتقال وإعدام العديد من كبار عسكريي الجيش الأحمر، إلى ذلك، لم تمنع هذه المنظمات الاستخباراتية عددا من الجنرالات السوفيت من التعاون مع الألمان، فعقب أسرهم من قبل الجيش الألماني، وافق بعض جنرالات الجيش الأحمر على مساعدة هتلر في الإطاحة بستالين.
الجنرال أندري فلازوف
وخلال فترة الحرب العالمية الثانية، وقع ما لا يقل عن 70 جنرالا سوفيتيا أسرى بقبضة الجيش الألماني، وبينما رفضت الأغلبية التخابر والتعاون مع الألمان، وافق البعض على ذلك واتجهوا لتشكيل جيش تحرير روسيا الموالي للنازيين. ومن ضمن هؤلاء الجنرالات، يبرز اسم الجنرال أندري فلازوف (Andrey Vlasov)، فخلال شتاء العام 1941، تحول فلازوف لبطل في صفوف الجيش الأحمر بسبب مساهمة قواته، ضمن الجيش السوفيتي العشرين، في صد الهجوم الألماني على موسكو. وبحلول تموز/يوليو 1942، وقع الجنرال فلازوف أسيرا بقبضة القوات الألمانية قرب لينينغراد.
وعقب أسره بفترة وجيزة، وافق أندري فلازوف على التخابر والتعاون مع النازيين مساهما بذلك في بعث جيش تحرير روسيا الذي ضم في صفوفه عددا كبيرا من أسرى الحرب السوفييت. وبسبب ذلك، ظهر بالاتحاد السوفيتي مصطلح الفلازوفيين للإشارة لعملاء ألمانيا الناطقين باللغة الروسية. بأراضي تشيكوسلوفاكيا يوم 12 أيار/مايو 1945، اعتقلت قوات الجيش الأحمر الجنرال أندري فلازوف. وعقب اتهامه بالخيانة، شنق الأخير، رفقة عدد من مساعديه، بموسكو يوم 1 آب/أغسطس 1946.
ومع بداية عملية بربروسا (Barbarossa) يوم 22 حزيران/يونيو 1941، شغل الجنرال السوفيتي فيودور تروخين (Fyodor Trukhin) منصب نائب رئيس أركان الجيش السوفيتي بالجبهة الشمالية الغربية. وبمنطقة البلطيق، وقع هذا الجنرال أسيرا بيد الألمان خلال الأيام الأولى للحرب. وبمركز احتجازه، عبّر فيودور تروخين عن كرهه الشديد للنظام الستاليني بسبب حملات الإبادة التي تعرض لها كبار المسؤولين بالجيش السوفيتي أواخر الثلاثينيات. فضلا عن ذلك، أكد تروخين على رغبته في التعاون مع النازيين ضد النظام السوفيتي. وعقب سماعهم لتصريحاته، وافق المسؤولون الألمان على منح تروخين منصبا هاما بجيش تحرير روسيا. من جهة ثانية، عمل تروخين بمجال الدعاية حيث قاد الأخير حملة توعوية سعى من خلالها لإقناع الأسرى السوفييت بالإلتحاق بجيش تحرير روسيا ومواجهة النظام الستاليني. يوم 8 أيار/مايو 1945، ألقى عدد من الشيوعيين التشيكوسلوفاكيين القبض على فيودور تروخين وسلّموه للجيش الأحمر. ويوم 1 آب/أغسطس 1946، شنق الأخير بموسكو بتهمة الخيانة.
الجنرال بوريس ريختر
ومع بداية عملية بربروسا، شغل الجنرال بوريس ريختر (Boris Rikhter) منصب قائد فرقة المشاة السادسة بالجيش السوفيتي. وبشكل غريب، فقد هذا الجنرال على الأراضي الأوكرانية أواخر حزيران/يونيو 1941. وأمام هذا الوضع، تضاربت الأخبار حول مصيره صلب القيادة العسكرية للجيش الأحمر. فبينما رجّح البعض مقتله على يد الألمان، تحدث آخرون عن وقوعه بالأسر.
ولحدود العام 1943، ظل مصير ريختر مجهولا. فبعد مضي نحو عامين عن اختفائه، تمكنت أجهزة الاستخبارات العسكرية السوفيتية من تحديد موقعه وأكدت وقوعه بالأسر وموافقته فيما بعد على التخابر والتعاون مع النازيين. وبفضل إتقانه للألمانية والبولندية، أشرف هذا الجنرال السوفيتي المنشق، بإحدى المدارس العسكرية، على تكوين فرق من المخربين الذين أوكلت لهم مهمة التسلل نحو المواقع السوفيتية وتخريب المعدات. وعقب كشف حقيقته، نال الجنرال ريختر حكما غيابيا بالإعدام رميا بالرصاص. إلى ذلك، لم ينفذ هذا الحكم مطلقا. فخلال الأيام الأخير للحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية، اختفى الجنرال بوريس ريختر بشكل غامض من دون أن يعثر على أثر له.
ننن