على مر تاريخها، عاشت اليابان على وقع العديد من الزلازل المدمرة التي أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى. وقد جاء أبرز هذه الزلازل سنة 1923 حيث اهتزت جزيرة هونشو (Honshū) اليابانية على وقع زلزال كانتو (Kantō) الذي دمّر مدنا يابانية عديدة مسفرا عن سقوط ما يزيد عن 140 ألف قتيل. وقبل حوالي 3 عقود، شهدت اليابان عام 1896 زلزالا آخر مدمرا بلغت شدته 8.5 درجة على مقياس ريختر. وقد أدى هذا الزلزال، الذي لقّب بزلزال سانريكو (Sanriku) نسبة لمنطقة سانريكو بشمال اليابان، لظهور موجات تسونامي وأسفر عن وفاة عشرات الآلاف.
زلزال مدمر بالبحر
في حدود الساعة السابعة والنصف مساء يوم 15 يونيو 1896، اهتزت إمبراطورية اليابان على وقع رجة أرضية خفيفة شعر بها عدد كبير من سكان المناطق الشمالية للبلاد. فعلى بعد 166 كلم من سواحل مقاطعة إيواته (Iwate)، بجزيرة هونشو، ضرب زلزال بلغت شدته 8.5 درجة على مقياس ريختر بعرض البحر. وبسبب عدد من العوامل الجيولوجية بالمنطقة، أسفر هذا الزلزال عن ظهور موجات تسونامي عالية قدّر ارتفاعها بأكثر من 38 مترا.
22 ألف ضحية
خلال ليلة يوم 15 يونيو 1896، أحيت جميع المناطق المطلة على سواحل سانريكو عيدا دينيا هاما تابعا لديانة الشنتو (Shinto). وبتلك الفترة، تزامن هذا العيد الديني مع احتفالات عارمة عاشت على وقعها المنطقة بسبب عودة المجندين اليابانيين لديارهم عقب نهاية الحرب اليابانية الصينية الأولى التي استمرت ما بين شهري يوليو 1894 أبريل 1895 وانتهت بانتصار اليابان وحصولها على مناطق بسكادورز وتايوان وشبه الجزيرة الكورية إضافة لتعويضات مالية واقتصادية ضخمة من الصين. وأثناء الاحتفالات، أحس سكان المنطقة برجة أرضية طفيفة. إلى ذلك، اتجه الجميع لمواصلة الاحتفال وتجاهل الأمر بسبب حصول العديد من الرجات الأرضية الطفيفة المماثلة طيلة الأشهر السابقة.
وبعد مضي 35 دقيقة فقط عن هذه الرجة، ضربت موجة تسونامي عالية بلغ ارتفاعها أكثر من 38 مترا المنطقة. وبعدها ببضعة دقائق، حلت موجة ثانية بالمنطقة لتجهز على مزيد ممن نجوا من الموجة الأولى. وفي الأثناء، كانت الخسائر المادية والبشرية فادحة بسبب ارتفاع حركة المد والجزر. حسب مصادر تلك الفترة، أسفرت هذه الكارثة عن مقتل ما يزيد عن 22 ألف شخص وتدمير آلاف المنازل. وقد سجلت أغلب الوفيات بمقاطعات إيواته ومياغي وآوموري وهوكايدو. من جهة ثانية، بلغت موجات تسونامي، قدر ارتفاعها بحوالي 9 أمتار، جزيرة هاواي وتسببت في خسائر مادية. بسبب هذه الموجات البحرية العالية التي تسبب فيها زلزال سانريكو سنة 1896، سجّل العالم لأول مرة ظهور مصطلح تسونامي للإشارة لهذه الظاهرة الكارثية المدمرة. وقد استعير هذا المصطلح حينها من اللغة اليابانية والذي يقصد به "موجة الميناء".
نن