بشكل مباغت، باشرت القوات الألمانية يوم 22 حزيران/يونيو 1941 تدخلها بالأراضي السوفيتية معلنة بذلك فتح جبهة إضافية بالشرق ضد الاتحاد السوفيتي. وخلال الأسابيع الأولى للحرب على الجبهة الشرقية، حقق الألمان تقدما سريعا ضد قوات الجيش الأحمر التي عانت من نقص فادح بالعتاد العسكري والخبرة العسكرية، بسبب قيام جوزيف ستالين بإعدام كبار القادة العسكريين السوفيت خلال الثلاثينيات. وخلال هجومهم، نجح الألمان في أسر العديد من جنرالات الجيش السوفيتي. وخلال التحقيقات، حاول الألمان إجبار هؤلاء القادة العسكريين السوفيت على التعاون معهم وتقديم معلومات حساسة عن الجيش الأحمر. إلى ذلك، رفض كثير من هؤلاء العسكريين السوفيت التعاون مع المحققين الألمان وتعرضوا بسبب ذلك لمعاملة قاسية.
ديمتري كاربيشيف
مثّل الجنرال السوفيتي ديمتري كاربيشيف (Dmitry Karbyshev) واحدا من أهم العسكريين بالجيش السوفيتي مطلع الحرب العالمية الثانية، حيث اختص الأخير بمجال التحصينات والدفاعات واستخدمت أبحاثه بعدد من المدارس الحربية السوفيتية. وأثناء الأشهر الأولى التي تلت بداية عملية بربروسا (Barbarossa)، وقع الجنرال كاربيشيف أسيرا لدى القوات الألمانية خلال شهر آب/أغسطس 1941. وأثناء التحقيقات، عرض الألمان على ديمتري كاربيشيف إطلاق سراحه من المعتقل مقابل التحاقه بالجيش الألماني لإجراء أبحاث بهدف تطوير قدرات الفيرماخت (Wehrmacht)، أي القوات المسلحة الألمانية، ومساعدتها على التقدم داخل الأراضي السوفيتية.
أمام هذا الوضع، نقل الألمان الجنرال ديمتري كاربيشيف نحو معسكرات الاعتقال وأجبروه على القيام بأعمال شاقة. وخلال الأشهر الأخيرة التي سبقت سقوط نظام هتلر، أعدم كاربيشيف يوم 17 شباط/فبراير 1945 بطريقة غريبة حيث غمره الألمان بالماء البارد، رفقة 500 أسير سوفيتي آخر، وتركوه ليموت بالصقيع والطقس البارد بإحدى الغابات.
بيوتر نوفيكوف
مع دخول عملية بربروسا عامها الثاني، كلّف الجنرال السوفيتي بيوتر نوفيكوف (Pyotr Novikov)، الذي شارك سابقا بالحرب الأهلية الإسبانية وحرب الشتاء، بمهمة الدفاع عن سيفاستوبول بالقرم. ومع فشل عملية الفرار من القرم، وقع نوفيكوف يوم 9 تموز/يوليو 1942 بقبضة القوات الألمانية.
وبمقر اعتقاله، التقى الجنرال نوفيكوف بنظيره الألماني إريش فون مانشتاين (Erich von Manstein) الذي هنأه على شجاعة قواته بالمعارك ودعاه للالتحاق بصف الألمان والتخلي عن الاتحاد السوفيتي وستالين. وفي الأثناء، تحدّث نوفيكوف عن كونه جنديا سوفيتيا ورفض التخلي عن وطنه. وبسبب ذلك، أرسل الأخير نحو مراكز العمل القسري. خلال شهر آب/أغسطس 1944، توفي الجنرال نوفيكوف بمعسكر الاعتقال بفلوسنبرغ (Flossenbürg) عن عمر ناهز 36 عاما. وفي الأثناء، اختلفت المصادر حول أسباب وفاته. فبينما تحدث البعض عن وفاته بسبب الإرهاق، أكدت مصادر أخرى مقتله تحت وطأة التعذيب.
ميخائيل بوتابوف
بعد مضي نحو 3 أشهر فقط عن بداية الهجوم الألماني على الأراضي السوفيتية، وقع الجنرال السوفيتي وقائد الجيش الخامس ميخائيل بوتابوف (Mikhail Potapov) أسيرا بقبضة القوات الألمانية خلال شهر أيلول/سبتمبر 1941. وفي الأثناء، رفض الجنرال بوتابوف التعاون مع الألمان ضاربا بذلك عرض الحائط مقترحا للالتحاق بجيش تحرير روسيا، المتكون من متطوعين سوفيت، الذي أسسه النازيون للقتال ضد الجيش الأحمر السوفيتي. من جهة ثانية، تحدث بوتابوف للمحققين الألمان وأكد لهم أن ألمانيا ستفشل في إخضاع الاتحاد السوفيتي حتى في حالة دخولها لموسكو. قضى الجنرال بوتابوف بقية فترة الحرب العالمية الثانية بالمعتقلات الألمانية قبل أن تتمكن القوات الأميركية من تحريره بحلول شهر نيسان/أبريل 1945.