قبل هجوم ميونخ سنة 1972 أثناء فترة الألعاب الأولمبية، اهتزت ألمانيا الغربية خلال شهر شباط/فبراير من العام نفسه على وقع حادثة اختطاف طائرة من نوع بوينغ 747 تابعة للوفتهانزا (Lufthansa). وبتلك الفترة، نسبت عملية الاختطاف للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وحسب المصادر، طالبت الأخيرة بالحصول على فدية، باهظة، مقابل إطلاق سراح ركاب هذه الطائرة المقدر عددهم بأكثر من 170 راكبا.
خطف الطائرة
إلى ذلك، عملت هذه الطائرة ضمن خط الرحلة 649 الذي حلّق بين كل من طوكيو وهونغ كونغ وبانكوك ونيودلهي وأثينا وفرانكفورت. وبالعادة، تواجدت ضمن هذا الخط رحلة أسبوعية واحدة حيث كان من المفترض أن تقلع الطائرة مساء يوم الاثنين من طوكيو لتبلغ فرانكفورت بصباح اليوم التالي.
بعد مضي نصف ساعة فقط عن مغادرتها لمطار نيودلهي بالهند، اختطفت الطائرة الألمانية بوينغ 747 في حدود الساعة الواحدة ليلا يوم 22 شباط/فبراير 1972، وأثناء عملية الاختطاف، تواجد على متن هذه الرحلة 172 راكبا إضافة لخمسة عشر فردا من طاقم الطائرة وخمسة من أفراد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذين استخدموا الأسلحة الرشاشة والمتفجرات، بعملية الخطف، مهددين بتفجير الطائرة في حال عدم تنفيذ شروطهم. وأثناء تنفيذهم للعملية، أعلن الخاطفون انتماءهم لمنظمة أطلقوا عليها اسم منظمة مقاومة الصهيونية.
وفي الأثناء، أكدت التحقيقات تلقي الخاطفين لأوامرهم بشكل مباشر من قبل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. بادئ الأمر، حاول الخاطفون النزول بالطائرة على رمال الصحراء العربية، ومع تأكيد طاقم الطائرة لخطورة هذه العملية، فضّل الخاطفون التوجه لمطار عدن الدولي بجنوب اليمن. ومع بلوغهم للمطار، أطلق الخاطفون سراح جميع النساء والأطفال المتواجدين على متن الطائرة المخطوفة.
5 ملايين دولار
بعد مضي بضع ساعات من بداية عملية الاختطاف، تلقى مكتب اللوفتهانزا رسالة من الخاطفين طالبتهم بدفع فدية قدرت بنحو 5 ملايين دولار مؤكدين على ضرورة إتمام صفقة تسليم المبلغ المالي ببيروت. وبدون أن تعترض على الأمر، قبلت المانيا الغربية بشكل مباشر بمطالب الخاطفين واتجهت لدفع مبلغ الفدية المطلوبة، ومع سماعهم لهذا الأمر باليوم التالي، أطلق الخاطفون المنتمون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سراح المخطوفين الذين استقلوا طائرة أخرى عادت بهم نحو ألمانيا.
خلال الأيام التالية، أثارت واقعة خطف الطائرة حالة من الاستياء بالعالم حيث تساءل كثيرون عن الأمن بالمطارات وسهولة إدخال الأسلحة داخل الطائرات. وبألمانيا الغربية، عبّر الألمان عن غضبهم من تعامل سلطات بلادهم بهذه الطريقة مع حادثة خطف الطائرة وعدم امتلاكها لقوة خاصة قادرة على مواجهة الخاطفين. خلال السنوات التي تلت هذه الواقعة، ظهرت بألمانيا الغربية وإسرائيل تقارير أكدت استخدام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مبلغا، قدّر بنحو مليون دولار، من الأموال التي حصلت عليها من ألمانيا لتمويل عملية مطار اللد بإسرائيل والتي أودت بحياة العشرات.