خلص تقرير صحافي إلى تحديد السبب الرئيس وكشف السر وراء كون فنلندا هي الدولة الأكثر سعادة في العالم، وفيها الشعب الذي يتمتع بالراحة والسعادة الأعلى مقارنة بغيره من دول العالم. واستعرض تقرير مطول نشرته جريدة بريطانية، السبب وراء حالة الاسترخاء والسعادة التي يعيشها الناس في فنلندا، ولفت التقرير إلى سبب بالغ الغرابة ويبدو أنه لا يخطر ببال أحد، وهو أن فنلندا فيها أكبر عدد من غرف "الساونا" في العالم، ويكاد لا يوجد شخص هناك إلا ويتردد على غرف الساونا الساخنة من أجل الاسترخاء والراحة وحرق الدهون والتخلص من ضغوط الحياة.
ويقول التقرير إن "ثقافة الساونا هي تقليد يحظى بتقدير كبير في فنلندا لدرجة أنه تم إدراجه في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية في عام 2020"، مشيراً الى أن مدينة "تامبيري" التي تبعد ساعة ونصف بالقطار شمال هلسنكي يوجد بها حوالي 60 غرفة ساونا عامة بينما يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 250 ألف نسمة فقط، ما جعلها تحمل لقب "عاصمة الساونا في العالم".
وبحسب التقرير فإنه في الوقت الذي تعتبر حمامات الساونا نشاط باهظ الثمن في أغلب دول العالم، فإن لها في فنلندا دوراً يومياً أكبر بكثير، إذ يمتلك الكثير من الناس حمامات الساونا في منازلهم؛ بل إن الكثير من كبار السن الفنلنديين ولدوا في حمامات البخار، كما يعتبرها الفنلنديون مكاناً مقدساً ومكاناً للعثور على المجتمع والسلام. وكانت فنلندا تصدرت تصنيفات تقرير السعادة العالمي على مدى السنوات الست الماضية.
وتشير "ذا غارديان" الى أن "غرفة الساونا" في فنلندا تلعبُ دوراً هاماً في الحياة اليومية، حيث إنها ليست مكاناً للرياضة فقط، وإنما هي تتوسع من غرفة العلاج إلى الحانة، والملجأ، ومجتمع النقاش والحضانة، وتضيف: "إنها مكان يتواصل فيه الأشخاص من جميع الأعمار، حيث يقوم كبار السن بالسؤال عن بعضهم البعض إذا لم يحضروا في وقت الساونا المعتاد، فيما يلعب الأطفال الصغار في أحواض الاستحمام على الأرض".
وتقول "ذا غارديان" إن بعض الأشخاص يأتي مباشرة من مكان عمله في المكتب لمدة ساعة للتخلص من ضغوط اليوم وهم في طريق عودتهم إلى المنزل، بينما يقضي آخرون ساعات هناك مع الأصدقاء لتناول المشروبات، وغير ذلك من الأنشطة الاجتماعية اليومية، في حين أن بعض حمامات الساونا لديها قواعد تحكم موضوعات المحادثة، حيث على سبيل المثال يحظر البعض مناقشة مواضيع السياسة والأعمال والدين من أجل الابتعاد عن الموضوعات التي تثير الخلافات والضغوط بين الزوار.
وتقول الأخصائية الاجتماعية أنيتا كونتوكوسكي (49 عاماً) التي كانت تجلس على مقعد في الخارج استعداداً للحاق بصديقتها: "سنقضي أمسيتنا مع عائلاتنا، لذا فهي طريقة لطيفة لبدء عطلة نهاية الأسبوع". وتشير إلى أن لديها ساونا كهربائية في المنزل، ولكن في الآونة الأخيرة، مع ارتفاع أسعار الطاقة للغاية، أصبح الذهاب إلى حمامات الساونا العامة أكثر ملاءمة. وتشير كونتوكوسكي إلى أنها تأتي عادة إلى الساونا بعد ظهر يوم الجمعة، حيث تكون قد انتهت من العمل وتستعد لبدء عطلة نهاية الأسبوع، وتضيف: "هذه هي أفضل طريقة لبدء وقت فراغك ونسيان كل ضغوط الأسبوع".