ما بين يومي 10 أيار/مايو و10 تشرين الثاني/نوفمبر 1876، استضافت مدينة فيلاديلفيا الأميركية المعرض العالمي للفنون والصناعات والمنتجات الفلاحية والمناجم. وبتلك الفترة، اتجهت فيلادلفيا لاستضافة هذا الحدث العالمي احتفالا بالذكرى المئوية لإعلان استقلال الولايات المتحدة الأميركية. وانطلاقا من ذلك، حاول المسؤولون الأميركيون إبراز التغييرات الكبيرة والتقدم الذي شهدته البلاد منذ إعلان الاستقلال ونهاية فترة الحرب الأهلية التي خلفت ما يزيد عن 600 ألف قتيل.

الاستعداد للمعرض الدولي
وقبل المعرض العالمي لعام 1876، كانت فيلادلفيا قد استضافت عام 1864، أثناء فترة الحرب الأهلية، معرضا محليا شارك خلاله المواطنون العاديون بتقديم جانب من الابتكارات لمساعدة جنود قوات الاتحاد أثناء قتالهم ضد القوات الكونفدرالية الجنوبية. وبعد مضي عامين فقط عن هذا المعرض المحلي، عرض سنة 1866 أستاذ الرياضيات والمختص بمجال الأحياء والفلك جون كامبل (John L. Campbell) على عمدة فيلادلفيا مورتون ماكمايكل (Morton McMichael) فكرة استضافة معرض عالمي لتخليد الذكرى المئوية لإعلان استقلال الولايات المتحدة الأميركية. وقد اقترح جون كامبل حصول فيلادلفيا على شرف استضافة هذا الحدث العالمي بسبب الدور الهام الذي لعبته هذا المدينة الأميركية أثناء فترة حرب الاستقلال.

وعلى الرغم من استحسانه، واجه المشروع عقبة رئيسية تمثلت في الدعم المادي، فعلى الرغم من بعث لجنة مختصة لدراسة استضافة فيلادلفيا للمعرض الدولي، أقرت الولايات المتحدة الأميركية مشروع قرار يهدف لعدم إجبار الحكومة الأميركية على تمويل هذا الحدث. وللحصول على الدعم المادي اللازم، عمدت اللجنة لبيع مجموعة من السندات تجاوزت قيمتها 1.6 مليون دولار، فضلا عن ذلك، وفرت مدينة فيلادلفيا مبلغا بلغت قيمته 1.5 مليون دولار تزامنا مع موافقة ولاية بنسلفانيا على دعم هذا الحدث بمليون دولار إضافي. من جهة ثانية، أقر الكونغرس الأميركي قرضا بقيمة 1.5 مليون دولار للمسؤولين على تنظيم هذا الحدث. ولإنجاح هذا المعرض الدولي، اتجهت مدينة فيلادلفيا لتهيئة قسم هام من البنية التحتية كما حسّنت خدمات شبكة القطار بالمدينة ودعمت النزل التي زادت من طاقة استيعابها لاستقبال الزوار. وخلال فترة انتشرت فيها الأمراض والمشاكل الصحية، توفي 8 من المشرفين على المعرض الدولي بفيلادلفيا بسبب الحمى التيفودية والجدري.

آخر الابتكارات
ولاستضافة المعرض العالمي، شيدت فيلادلفيا نحو 200 مبنى، ومن ضمن هذه المباني، خصصت خمسة فقط لقاعات العرض الرئيسية التي كانت ستحتضن آخر الإبدعات بمجالات الصناعة والفلاحة والتكنولوجيا. وبادئ الأمر، كان من المقرر أن يجرى الافتتاح خلال شهر نيسان/أبريل. لكن بسبب التأخير في إنهاء مهام البناء، فضّل المشرفون تأجيل الأمر لحدود يوم 10 أيار/مايو 1876. إلى ذلك، أقيم حفل الافتتاح بحضور الرئيس الأميركي يوليسيس غرانت (Ulysses Grant) ونظيره البرازيلي بيدرو الثاني. وحسب التقارير الأميركية، حضر حفل الافتتاح أكثر من 186 ألف شخص حصل نحو 110 آلاف منهم على دعوات دخول مجانية. وخلال شهر أيار/مايو، قدّر عدد الزوار اليوميين بنحو 36 ألفا. وقد ارتفع هذا العدد ليقارب 40 ألفا خلال شهر حزيران/يونيو.

وفي الأثناء، أثرت موجة الحر التي شهدتها الولايات المتحدة الأميركية حينها على نسبة الإقبال حيث تحدّث الخبراء عن تراجع في عدد الزوار بسبب درجات الحرارة المرتفعة. ومع نهاية المعرض، قدّر إجمالي عدد الزوار بنحو 10 ملايين شخص. شهد المعرض العالمي بفيلادلفيا عرضا للعديد من الاختراعات كالقطار ذو السكة الواحدة وقلم الحبر الكهربائي وآلات الكتابة كما عرض أيضا خلاله ألكسندر غراهام بيل (Alexander Graham Bell) أول هاتف على العامة. أيضا، تواجد المخترع توماس إديسون بالمكان وعرض على الزوار عددا من الابتكارات بمجال التلغراف. أيضاـ شهد هذا المعرض عرض صلصة طماطم (كتشب) هاينز (Heinz) إضافة لآلة شولز وغلايدن الكاتبة.

نننن