توفي الملياردير تشارلي مونغر، المستثمر الحكيم واليد اليمنى لوارن بافيت في شركة "بيركشاير هاثاواي"، عن عمر يناهز 99 عامًا. توفي مونغر يوم الثلاثاء، وفقًا لبيان صحفي صادر عن شركة "بيركشاير هاثاواي". وقالت المجموعة إن أفراد عائلة مونغر أبلغوها بأنه توفي بسلام هذا الصباح في أحد مستشفيات كاليفورنيا. كان سيبلغ من العمر 100 عام في يوم رأس السنة الجديدة. وقال بافيت في بيان: "لم يكن من الممكن بناء "بيركشاير هاثاواي" ووصولها إلى وضعها الحالي دون إلهام تشارلي وحكمته ومشاركته".

بالإضافة إلى كونه نائب رئيس مجلس الإدارة، كان مونغر محاميًا عقاريًا ورئيسًا وناشرًا في "ديلي جورنال"، وعضوًا في مجلس إدارة "كوستكو" ومهندسًا معماريًا. في أوائل عام 2023، قدرت ثروته بنحو 2.3 مليار دولار، وهو مبلغ مذهل بالنسبة لكثير من الناس ولكنه أقل بكثير من ثروة بافيت، والتي تقدر بأكثر من 100 مليار دولار. كشف مونغر، خلال اجتماع المساهمين السنوي في "بيركشاير" لعام 2021، عن غير قصد عن سر كان يترقبه الجميع وهو أن نائب رئيس مجلس الإدارة جريج أبيل "سيحافظ على نفس الثقافة" بعد عصر بافيت.

لم نتشاجر مطلقاً
ولد تشارلز توماس مونغر في أوماها في الأول من يناير عام 1924. وكان والده ألفريد محاميًا، وكانت والدته فلورنس "تودي" من عائلة ثرية. مثل وارن، عمل مونغر في محل بقالة جد بافيت عندما كان شابًا، لكن الشريكين المستقبليين لم يلتقيا إلا بعد سنوات. في السابعة عشرة من عمره، غادر مونغر أوماها إلى جامعة ميشيغان. وبعد ذلك بعامين، في عام 1943، التحق بالجيش (تحديدا في إدارة السلاح الجوي)، وفقاً لسيرة كتبتها جانيت لوي التي صدرت عام 2003.

أرسله الجيش إلى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا لدراسة الأرصاد الجوية. في كاليفورنيا، وقع في حب نانسي هوجينز، زميلة أخته في السكن في كلية سكريبس، وتزوجها في عام 1945. وعلى الرغم من أنه لم يكمل شهادته الجامعية مطلقًا، إلا أنه تخرج بامتياز مع مرتبة الشرف من كلية الحقوق بجامعة هارفارد في عام 1948، وعاد الزوجان إلى كاليفورنيا، حيث مارس مهنة المحاماة العقارية. أسس شركة المحاماة Munger, Tolles & Olson في عام 1962 وركز على إدارة الاستثمارات في صندوق التحوط Wheeler, Munger & Co، الذي أسسه أيضًا في ذلك العام.

في عام 1959، عندما كان عمره 35 عامًا، عاد مونغر إلى أوماها لإغلاق الممارسة القانونية لوالده الراحل. وهناك تعرف على بافيت البالغ من العمر 29 عامًا حينها من قبل أحد عملاء بافيت المستثمرين. قال بافيت في عام 2018: "لم نتشاجر مطلقًا طوال الوقت الذي عرفنا فيه بعضنا البعض، وهو ما يقرب من 60 عامًا حتى الآن. لقد أعطاني تشارلي الهدية المطلقة التي يمكن لأي شخص أن يقدمها لشخص آخر. لقد جعلني شخصًا أفضل مما كنت سأكون عليه لولا ذلك. لقد أعطاني الكثير من النصائح الجيدة مع مرور الوقت. لقد عشت حياة أفضل بسبب تشارلي".

تبرع مونغر بمئات الملايين
تبرع مونغر بمئات الملايين من الدولارات للمؤسسات التعليمية، بما في ذلك جامعة ميشيغان وجامعة ستانفورد وكلية الحقوق بجامعة هارفارد، وغالبًا ما كان ذلك بشرط أن تقبل المدرسة تصميمات البناء الخاصة به، على الرغم من أنه لم يتم تدريبه رسميًا كمهندس معماري. أنجب مونغر وزوجته ثلاثة أطفال، البنات هم ويندي ومولي، وابنه تيدي، الذي توفي بسرطان الدم في سن التاسعة. انفصل الزوجان في عام 1953. وبعد ذلك بعامين، تزوج من نانسي باري، كان للزوجين أربعة أطفال، تشارلز جونيور وإيميلي وباري وفيليب. وكان أيضًا "زوج الأم" لابنيها الآخرين، ويليام هارولد بورثويك وديفيد بورثويك. ساهمت عائلة مونغر، خلال 54 عاما حتى وفاة الزوجة في عام 2010، بمبلغ 43.5 مليون دولار لجامعة ستانفورد للمساعدة في بناء سكن مونغر للدراسات العليا، الذي يضم 600 طالب قانون وخريجين.

تمثل وفاة مونغر، نائب رئيس مجلس إدارة شركة "بيركشاير" منذ عام 1978، نهاية حقبة في الشركات الأميركية والاستثمار. منذ أن أصبح نائبًا لرئيس مجلس إدارة "بيركشاير"، عمل مونغر بشكل وثيق مع بافيت على تخصيص رأس مال "بيركشاير". وكان مونغر معروفاً بتوجيهه بافيت بعيداً عن شراء ما أطلق عليه بافيت "أعقاب السيجار"، وهي الشركات المتواضعة التي لم يتبق منها سوى "نفخة من الدخان" ويمكن شراؤها بأسعار رخيصة للغاية.

لا خطط تنحي
من غير المرجح أن تحل "بيركشاير" شخصاً محل مونغر ولم تناقش علنًا أي حاجة أو رغبة في القيام بذلك. ويتولى نائبان آخران للرئيس، جريج أبيل وأجيت جاين، الإشراف اليومي على أعمال "بيركشاير" غير التأمينية والتأمينية، على التوالي. وتأتي وفاة مونغر بعد أسبوع واحد من تبرع بافيت بحوالي 866 مليون دولار من أسهم "بيركشاير" لأربع جمعيات خيرية عائلية وإصدار خطاب نادر للمساهمين يعترف فيه بأن وقته محدود، في نهاية مسيرته الاستثمارية. وفي رسالة الأسبوع الماضي، قال بافيت إن بيركشاير "بنيت لتدوم" وستظل في أيد أمينة بدونه. ولم يعرب قط علانية عن رغبته في التنحي، بما في ذلك بعد تشخيص إصابته بسرطان البروستاتا في عام 2012.

عشرات الأسئلة
ربما يكون التغيير الأكثر وضوحًا بعد وفاة مونغر هو عطلة نهاية الأسبوع السنوية في "بيركشاير"، والتي تجتذب عشرات الآلاف من الأشخاص إلى أوماها ويتم بثها مباشرة في جميع أنحاء العالم. لن يكون مونغر موجودًا بعد الآن لمشاركة بافيت والإجابة على العشرات من أسئلة المساهمين على مدار خمس ساعات. وقد يلعب أبيل وجين، اللذان أجابا على بعض هذه الأسئلة في السنوات الأخيرة، دورًا أكبر. ربما كان مونغر معروفًا بتعليقاته اللاذعة على مر السنين حول موضوعات متعددة بما في ذلك عملة بيتكوين، التي اعتبر نموها "مثيرًا للاشمئزاز"، جزئيًا بسبب استخدامها من قبل الخاطفين وممارسي برامج الفدية. لم يكن من المعجبين بمنصة Robinhood للوساطة عبر الإنترنت، حيث يعتبرها صالة "قمار تتنكر في هيئة شركة محترمة". أجرى مونغر مقابلة مطولة في وقت سابق من هذا الشهر استعدادًا لعيد ميلاده المائة، وعرضت شبكة الأعمال مقاطع منه يوم الثلاثاء. بأسلوبه المميز الذي يستنكر نفسه، لخص مونغر سر نجاح "بيركشاير" في تجنب الأخطاء ومواصلة العمل بشكل جيد في التسعينيات من عمره هو وبافيت.

أقل جنوناً
قال مونغر: "لقد أصبحنا أقل جنونًا من معظم الناس وأقل غباءً من معظم الناس، وقد ساعدنا ذلك حقًا". لقد تناول المزيد من التفاصيل حول أسباب نجاح "بيركشاير" في رسالة خاصة كتبها في عام 2014 بمناسبة مرور 50 عامًا على المساعدة في قيادة الشركة. وكان مونغر، الذي كان يرتدي نظارات سميكة، قد فقد عينه اليسرى بعد مضاعفات جراحة إزالة المياه البيضاء في عام 1980. كان مونغر رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة Wesco Financial من عام 1984 إلى عام 2011، عندما اشترت شركة "بيركشاير" التابعة لبافيت الأسهم المتبقية في شركة التأمين والاستثمار التي يقع مقرها في باسادينا بولاية كاليفورنيا والتي لم تكن تمتلكها.

تفضيل الشركات المتعثرة
ونسب بافيت الفضل إلى مونغر في توسيع استراتيجيته الاستثمارية من تفضيل الشركات المتعثرة بأسعار منخفضة على أمل الحصول على ربح إلى التركيز على الشركات ذات الجودة الأعلى، ولكن بأسعار أقل من قيمتها الحقيقية. عندما سُئل مونغر في مقابلة في فبراير 2019 حول سر الحياة الطويلة والسعيدة، قال مونغر إن الإجابة "سهلة، لأنها بسيطة جدًا"

نننن